أسباب بطلان تقرير الخبير في السعودية

أسباب بطلان تقرير الخبير في السعودية

أسباب بطلان تقرير الخبير في السعودية


في خضم المنازعات القضائية، غالبًا ما تواجه المحكمة مسائل فنية دقيقة تتجاوز المعرفة القانونية للقاضي، سواء كانت هندسية، أو طبية، أو محاسبية. هنا، يبرز دور الخبير كذراع فني للقضاء، حيث يتم تكليفه بمهمة إزالة الغموض وتوضيح الحقائق الفنية عبر وثيقة حاسمة تُعرف بـ “تقرير الخبرة”. هذا التقرير، ورغم أهميته، ليس نصًا مقدسًا أو حقيقة مطلقة، بل هو عمل بشري قابل للخطأ والقصور، وقد يكون في بعض الأحيان مجحفًا أو مبنيًا على أسس واهية. فماذا لو كان هذا التقرير هو السند الوحيد الذي يعتمد عليه خصمك؟ وماذا لو شعرت أن الخبير لم يكن محايدًا أو أن تقريره تجاهل أدلة جوهرية قدمتها؟ هنا تكمن أهمية معرفة أسباب بطلان تقرير الخبير، فهي تمثل خط الدفاع الأخير وسلاحك القانوني لتصويب مسار القضية ومنع صدور حكم قد يكون ظالمًا بناءً على رأي فني معيب. هذا المقال هو دليلك الشامل لاستكشاف هذه الأسباب، وفهم كيفية الطعن في التقرير، والإجراءات النظامية التي تضمن لك تقديم اعتراض فعال يحمي حقوقك.

💬 اطلب استشارة مجانية

ما هو تقرير الخبير؟

قبل أن نغوص في أسباب بطلان تقرير الخبير، من الأهمية بمكان أن نؤسس فهمًا واضحًا لطبيعة هذا التقرير ودوره في العملية القضائية، فهذا الفهم هو نقطة الانطلاق لأي اعتراض ناجح.

  • تقرير الخبير هو وثيقة فنية مكتوبة يعدها شخص متخصص في مجال معين (مثل الطب، الهندسة، المحاسبة، تقييم العقارات) بناءً على تكليف من المحكمة التي تنظر في النزاع.
  • الهدف الأساسي من التقرير هو إنارة بصيرة القاضي في المسائل الفنية التي تخرج عن نطاق علمه القانوني، ومساعدته في تكوين قناعته للوصول إلى حكم عادل ومبني على فهم صحيح للوقائع.
  • لا يعتبر تقرير الخبير حكمًا قضائيًا، بل هو عنصر من عناصر الإثبات في الدعوى، يخضع لتقدير المحكمة وسلطتها في الأخذ به كليًا أو جزئيًا أو طرحه جانبًا تمامًا.
  • يتمتع القاضي بسلطة مطلقة في تقدير قيمة التقرير، فهو “خبير الخبراء”، وله أن يرجح دليلاً آخر على ما ورد في التقرير إذا وجد ما يدعم ذلك في أوراق الدعوى.
  • يشمل التقرير عادةً وصفًا للمهمة التي كلف بها الخبير، والإجراءات التي قام بها، والأدلة التي فحصها، والنتائج التي توصل إليها، مع بيان الأسانيد الفنية التي بنى عليها رأيه.
  • يجب أن يكون التقرير مكتوبًا بلغة واضحة، ومنهجية، ومنطقية، بحيث يتمكن القاضي وأطراف النزاع من فهم كيفية وصول الخبير إلى استنتاجاته.
  • يكتسب التقرير قوته من الثقة التي يوليها القضاء في شخص الخبير وفي نزاهته وخبرته، وأي مساس بهذه الثقة أو بالمنهجية المتبعة يفتح الباب للبحث في أسباب بطلان تقرير الخبير.

المهام الرئيسية للخبير القضائي

إن صحة تقرير الخبير ترتبط ارتباطًا وثيقًا بمدى التزام الخبير بالمهام والواجبات التي يفرضها عليه النظام القضائي، وأي إخلال جوهري بهذه المهام يمكن أن يكون أحد أسباب بطلان تقرير الخبير أو على الأقل سببًا لعدم الاعتداد به.

  • المهمة الأولى والأساسية هي فهم واستيعاب المهمة المكلف بها من المحكمة بدقة، والتي تكون محددة في حكم التمهيدي بندب الخبير، والالتزام الصارم بنطاق هذه المهمة دون تجاوز أو تقصير.
  • يجب على الخبير أن يؤدي اليمين القانونية أمام المحكمة قبل مباشرة مهمته، بأن يؤدي عمله بالصدق والأمانة والنزاهة، ويعتبر هذا اليمين شرطًا جوهريًا لضحة عمله.
  • من واجبات الخبير دعوة جميع أطراف النزاع (الخصوم) لحضور إجراءات الخبرة، وتمكينهم من تقديم مستنداتهم وأقوالهم وملاحظاتهم، وذلك تكريسًا لمبدأ المواجهة وحق الدفاع.
  • يلتزم الخبير بالحياد التام والموضوعية المطلقة، وعليه أن يتجرد من أي ميول شخصية أو انطباعات مسبقة، وأن يكون حكمه مبنيًا على الحقائق الفنية فقط.
  • يقوم الخبير بفحص ودراسة كافة مستندات الدعوى ذات الصلة بمهمته، وإذا تطلب الأمر، يقوم بالانتقال لمعاينة موقع النزاع أو الشيء محل الخبرة (مثل عقار متنازع عليه أو آلة معيبة).
  • يحق للخبير سماع أقوال الشهود إذا صرحت له المحكمة بذلك، ولكن لا يحق له تحليفهم اليمين، فهذا من اختصاص القاضي وحده.
  • بعد الانتهاء من كافة الإجراءات، يقوم الخبير بإعداد تقريره النهائي بشكل مفصل، ويجب أن يشتمل التقرير على رد واضح ومنطقي على كل نقطة وردت في المهمة التي كلفته بها المحكمة.
  • يلتزم الخبير بإيداع تقريره لدى إدارة المحكمة في الموعد المحدد له في حكم الندب، وإذا احتاج إلى وقت إضافي، فعليه أن يطلب ذلك من المحكمة مع بيان المبررات.
  • إن الإخلال بأي من هذه المهام، كعدم دعوة الخصوم أو إبداء رأي منحاز، يفتح الباب واسعًا للتمسك بأحد أسباب بطلان تقرير الخبير.

صلاحيات القاضي في تقدير الحاجة إلى خبير

تبدأ عملية الخبرة وتنتهي عند القاضي، فهو سيد الدعوى والمسيطر على إجراءاتها، والنظام يمنحه سلطة تقديرية واسعة في اللجوء إلى الخبرة من عدمه، وفي تحديد نطاقها، وفي النهاية في تقييم نتائجها.

  • ندب خبير في الدعوى هو حق جوازي للمحكمة، وليس حقًا للخصوم، فلا يمكن لأي طرف أن يجبر القاضي على تعيين خبير إذا رأى أن أوراق الدعوى كافية لتكوين قناعته.
  • للقاضي سلطة مطلقة في تقدير ما إذا كانت المسألة المعروضة عليه تتطلب رأيًا فنيًا أم أنها مسألة قانونية أو واقعية يمكنه الفصل فيها مباشرة.
  • عند اتخاذ قرار بندب خبير، يتولى القاضي تحديد مهمة الخبير بشكل دقيق وواضح في منطوق حكمه التمهيدي، وهذا التحديد هو الذي يرسم حدود عمل الخبير.
  • للقاضي صلاحية اختيار شخص الخبير من بين الخبراء المعتمدين لدى وزارة العدل أو من أي جهة أخرى يثق في خبرتها، وله أن يستجيب لطلب الخصوم في اختيار خبير معين أو يرفض ذلك.
  • إذا وجد القاضي أن هناك أسبابًا قوية لرد الخبير (مثل وجود قرابة أو عداوة مع أحد الخصوم)، فله أن يستبدله بخبير آخر من تلقاء نفسه أو بناءً على طلب أحد الأطراف.
  • بعد إيداع التقرير، يمارس القاضي سلطته في تقييمه، فله أن يأخذ بالتقرير كاملاً ويعتمده كأساس لحكمه، أو يأخذ ببعض ما جاء فيه ويطرح البعض الآخر.
  • للقاضي صلاحية استدعاء الخبير لمناقشته في تقريره في جلسة علنية بحضور الخصوم، وتوجيه أسئلة إليه لاستيضاح بعض النقاط الغامضة.
  • إذا وجد القاضي أن التقرير قاصر أو غير كافٍ، فله أن يعيد المهمة إلى نفس الخبير لتدارك النقص، أو أن يندب خبيرًا آخر أو حتى لجنة ثلاثية من الخبراء لإعادة دراسة الموضوع.
  • هذه الصلاحيات الواسعة هي ضمانة أساسية ضد أي انحراف قد يقع من الخبير، وهي التي تسمح للقاضي بالنظر في أسباب بطلان تقرير الخبير التي يثيرها الخصوم.

أسباب بطلان تقرير الخبير في النظام القانوني السعودي

يمكن تقسيم أسباب بطلان تقرير الخبير إلى فئتين رئيسيتين: أسباب شكلية تتعلق بالإجراءات التي تم اتباعها، وأسباب موضوعية تتعلق بشخص الخبير أو بمحتوى التقرير نفسه، ومعرفة هذه الأسباب هي مفتاح الاعتراض الناجح.

  • الأسباب الشكلية (الإجرائية):
  • عدم أداء الخبير لليمين القانونية قبل مباشرة مهمته.
  • عدم دعوة الخصوم لحضور إجراءات الخبرة أو إغفال دعوة أحدهم.
  • مباشرة الخبير لمهمته قبل صدور حكم الندب الرسمي أو بعد انتهاء المدة المحددة دون تجديدها.
  • قيام الخبير بعمل خارج نطاق صلاحياته، مثل تحليف الشهود اليمين.
  • مخالفة مبدأ المواجهة، كأن يستند الخبير إلى مستندات قدمها له أحد الخصوم دون اطلاع الطرف الآخر عليها.
  • الأسباب المتعلقة بشخص الخبير:
  • ثبوت وجود مصلحة شخصية للخبير في النزاع.
  • وجود علاقة قرابة أو مصاهرة بين الخبير وأحد الخصوم أو وكلائهم حتى الدرجة الرابعة.
  • وجود عداوة أو صداقة ظاهرة بين الخبير وأحد الأطراف.
  • إذا كان الخبير قد أبدى رأيًا مسبقًا في النزاع أو سبق له أن كان شاهدًا أو وكيلاً فيه.
  • عدم توفر الخبرة أو التخصص اللازم في الخبير للمهمة التي كلف بها.
  • الأسباب الموضوعية (المتعلقة بمحتوى التقرير):
  • تجاوز الخبير لحدود المهمة المحددة له في حكم الندب، كأن يجيب على مسائل قانونية بدلًا من فنية.
  • التناقض الصارخ في أجزاء التقرير، بحيث تكون أسبابه مناقضة لنتائجه.
  • بناء التقرير على أسس أو بيانات خاطئة أو غير صحيحة.
  • إغفال الخبير لفحص مستندات جوهرية ومؤثرة في الدعوى قدمها أحد الخصوم.
  • عدم منطقية النتائج التي توصل إليها الخبير ومخالفتها للثابت علميًا أو عمليًا.
  • عدم الرد على كافة الأسئلة والطلبات الواردة في حكم الندب.
  • إن التمسك بأي من هذه الأسباب يتطلب إثباتًا وتقديم مذكرة قانونية محكمة، وهو دور يتألق فيه المحامي المتخصص، وفي مكتب فيصل الحارثي للمحاماة، نملك الخبرة في تمحيص التقارير واستخراج مثل هذه العيوب وتقديمها للقضاء.

ماهية الدفع ببطلان تقرير الخبير

إن الاعتراض على تقرير الخبير ليس مجرد شكوى أو تذمر، بل هو إجراء قانوني رسمي يعرف في فقه المرافعات بـ “الدفع بالبطلان”، وله طبيعة خاصة وقواعد يجب اتباعها لكي يقبله القاضي وينظر فيه.

  • الدفع ببطلان تقرير الخبير هو دفع إجرائي أو شكلي، يهدف إلى إهدار قيمة التقرير ومنع المحكمة من الاعتماد عليه كدليل في الدعوى.
  • يجب التمييز بين الدفع بالبطلان والدفع الموضوعي، فالدفع بالبطلان يوجه إلى الإجراءات التي شابها العيب (مثل عدم دعوة الخصوم)، بينما الدفع الموضوعي يوجه إلى رأي الخبير الفني نفسه (مثل القول بأن حساباته خاطئة).
  • القاعدة العامة هي وجوب التمسك بالدفع الشكلي بالبطلان قبل أي حديث في موضوع التقرير، فإذا بدأ الخصم في مناقشة النتائج الفنية للتقرير، فقد يعتبر ذلك تنازلاً ضمنيًا منه عن حقه في التمسك بالبطلان الشكلي.
  • يجب أن يكون الدفع بالبطلان محددًا وواضحًا، حيث يقوم الخصم بتحديد الإجراء المعيب الذي يدعي أنه سبب البطلان، وبيان النص النظامي الذي تم خرقه.
  • لا يكفي الادعاء بالبطلان بشكل عام، بل يجب تقديم الأدلة التي تثبت وقوع المخالفة التي أدت إلى البطلان.
  • إذا قبلت المحكمة الدفع بالبطلان، فإنها تقضي ببطلان التقرير وكل ما ترتب عليه، وقد تقرر إعادة المهمة إلى نفس الخبير لتصحيح الإجراء، أو ندب خبير آخر.
  • فهم هذه الطبيعة القانونية للدفع بالبطلان يساعد المحامي على ترتيب دفوعه بشكل استراتيجي، حيث يبدأ بالأسباب الشكلية القوية، ثم ينتقل إلى الأسباب الموضوعية، لزيادة فرص إقناع المحكمة.

كيف يمكن الاعتراض على تقرير خبير تقرير كتابي؟

يعتبر الاعتراض المكتوب هو الوسيلة الأساسية والأكثر فعالية للرد على تقرير الخبير، فهو يتيح للخصم فرصة شرح وجهة نظره بشكل مفصل ومنظم ومدعوم بالأسانيد، ويبقى كوثيقة رسمية في ملف الدعوى يمكن الرجوع إليها في جميع مراحل التقاضي.

  • تبدأ العملية فور تسلم الخصم لنسخة من تقرير الخبير المودع لدى المحكمة، حيث يجب عليه قراءته بعناية فائقة.
  • الخطوة الأهم هي الاستعانة فورًا بمحامٍ متخصص، وكذلك بخبير استشاري من نفس تخصص خبير المحكمة (خبير موازٍ) لتحليل التقرير من الناحيتين القانونية والفنية.
  • يقوم المحامي بالتعاون مع الخبير الاستشاري بتحديد نقاط الضعف في التقرير، سواء كانت تتعلق بالإجراءات أو بالمحتوى الفني.
  • يتم بعد ذلك صياغة “مذكرة اعتراضية” أو “مذكرة رد على تقرير الخبير” بشكل احترافي.
  • يجب أن تبدأ المذكرة بمقدمة موجزة، ثم يتم تقسيمها إلى أقسام، قسم يتناول الدفوع الشكلية وأسباب البطلان الإجرائية، وقسم آخر يتناول الاعتراضات الموضوعية على النتائج الفنية.
  • يجب أن يكون كل اعتراض مرقمًا، ومدعومًا بالدليل، فإذا كان الاعتراض على عدم دعوة الخصم، يجب أن يذكر ذلك صراحة، وإذا كان الاعتراض على نتيجة حسابية، يجب تقديم الحساب الصحيح من قبل الخبير الاستشاري.
  • من الأساليب الفعالة إرفاق “تقرير خبير استشاري” بالمذكرة الاعتراضية، وهو تقرير يعده الخبير الذي استعان به الخصم، ويفند فيه بالأدلة الفنية ما ورد في تقرير خبير المحكمة.
  • يجب أن تكون لغة المذكرة قانونية، وموضوعية، ومحترمة، وتتجنب التجريح في شخص الخبير، وتركز على نقد عمله ومنهجيته بشكل علمي.
  • يتم تقديم هذه المذكرة إلى المحكمة في الجلسة المحددة لمناقشة التقرير، أو خلال المدة التي تحددها المحكمة للرد.
  • إن جودة هذه المذكرة الاعتراضية هي التي تحدد بشكل كبير مدى اقتناع القاضي بوجود أسباب بطلان تقرير الخبير أو على الأقل وجود قصور يستدعي اتخاذ إجراء إضافي.

عدم الاعتداد بتقرير الخبير

في بعض الأحيان، قد لا تصل العيوب في تقرير الخبير إلى درجة البطلان القانوني، ولكنها تكون كافية لزعزعة ثقة القاضي في النتائج التي توصل إليها، وهنا يمارس القاضي سلطته التقديرية في “عدم الاعتداد بالتقرير” أو “طرحه جانبًا”.

  • عدم الاعتداد بالتقرير هو قرار موضوعي يتخذه القاضي عندما يرى أن التقرير غير مقنع أو أن الأدلة الأخرى في الدعوى أقوى منه وتناقضه.
  • يختلف عدم الاعتداد عن البطلان، فالبطلان يرجع لخلل إجرائي يجعل التقرير كأن لم يكن، أما عدم الاعتداد فهو قرار من القاضي بعدم الأخذ بالرأي الفني الوارد في تقرير صحيح من الناحية الشكلية.
  • للقاضي أن يوضح في أسباب حكمه لماذا لم يأخذ بتقرير الخبير، كأن يقول “وحيث إن المحكمة لا تطمئن إلى ما ورد في تقرير الخبير للأسباب التالية…”، وهذا يجعل حكمه خاضعًا لرقابة محكمة الاستئناف.
  • يمكن أن يقرر القاضي عدم الاعتداد بالتقرير إذا نجح الخصم في إقناعه من خلال مذكرته الاعتراضية بأن استنتاجات الخبير غير منطقية أو مبنية على أسس ضعيفة.
  • التقرير الاستشاري الذي يقدمه الخصم يلعب دورًا كبيرًا في دفع القاضي إلى عدم الاعتداد بتقرير خبير المحكمة، خاصة إذا كان التقرير الاستشاري أكثر منطقية وعلمية.
  • إذا كانت أقوال الشهود أو المستندات القاطعة في الدعوى تناقض ما توصل إليه الخبير، فإن للقاضي أن يرجح هذه الأدلة على رأي الخبير.
  • الهدف الاستراتيجي للمحامي الناجح ليس دائمًا الوصول إلى حكم ببطلان التقرير، بل قد يكون الهدف هو زرع الشك في قناعة القاضي ودفعها إلى عدم الاطمئنان للتقرير ومن ثم عدم الاعتداد به، وهو ما قد يكون كافيًا لكسب الدعوى.

قوة تقرير الخبير في الإثبات

على الرغم من كل ما ذكرناه حول أسباب بطلان تقرير الخبير وإمكانية عدم الاعتداد به، فإنه من الخطأ التقليل من أهمية وقوة هذا التقرير كدليل إثبات في الدعوى، خاصة إذا تم إعداده بشكل سليم.

  • يعتبر تقرير الخبير من أهم عناصر الإثبات في القضايا التي تحتوي على جوانب فنية معقدة.
  • في معظم الحالات، إذا كان التقرير جيدًا من حيث الشكل والمضمون، ومتماسكًا منطقيًا، ومبنيًا على أسس علمية سليمة، فإن المحاكم تميل إلى الأخذ به واعتماده كأساس لأحكامها.
  • تكمن قوة التقرير في أنه يأتي من شخص متخصص ومحايد (من المفترض)، كلفته المحكمة بنفسها، وأدى اليمين أمامها، مما يمنحه درجة عالية من المصداقية والثقة.
  • عندما يكون التقرير هو الدليل الفني الوحيد في الدعوى، فإن قوته في الإثبات تزداد، ويصعب على الخصم دحضه دون تقديم دليل فني موازٍ (مثل تقرير استشاري).
  • تتضاءل قوة التقرير إذا تعددت الأدلة الأخرى في الدعوى وكانت مناقضة له، فهنا يدخل التقرير في عملية موازنة وترجيح يقوم بها القاضي بين الأدلة المختلفة.
  • لذلك، لا يجب على الخصم أن يستسلم بمجرد صدور تقرير خبير في غير صالحه، فمهما كانت قوته، فهو ليس دليلاً قاطعًا وملزمًا، ويظل الباب مفتوحًا للطعن فيه وتفنيده بالأدلة والحجج القانونية والفنية.
  • إن التعامل مع تقرير الخبير يتطلب موازنة دقيقة، فهو سلاح قوي لخصمك إذا كان في صالحه، ولكنه قد يكون نقطة ضعفه الكبرى إذا كان معيبًا، والمحامي الماهر هو من يعرف كيف يحول هذا السلاح ضد صاحبه.

الأسباب المتعلقة بمحتوى التقرير

بالإضافة إلى العيوب الشكلية، فإن جوهر التقرير ومحتواه يمكن أن يكون مليئًا بالثغرات التي تمثل أسباب بطلان تقرير الخبير أو على الأقل أسبابًا قوية لعدم الاعتداد به، وتتطلب هذه الأسباب فحصًا فنيًا دقيقًا.

  • التناقض الداخلي: وهو من أبرز العيوب، كأن يذكر الخبير في أسباب تقريره وقائع أو بيانات معينة، ثم يصل إلى نتيجة لا تتفق منطقيًا مع هذه الوقائع، مما يدل على اضطراب وتخبط في تفكير الخبير.
  • الاعتماد على بيانات غير صحيحة: إذا بنى الخبير تقريره على معلومات أو قياسات أو بيانات ثبت للمحكمة أنها خاطئة، فإن كل ما بني على هذا الباطل يكون باطلاً.
  • التجاهل التام لمستندات جوهرية: إذا قدم أحد الخصوم مستندًا حاسمًا (مثل فاتورة شراء أو عقد اتفاق)، وتجاهل الخبير هذا المستند تمامًا ولم يناقشه أو يشر إليه في تقريره، فإن ذلك يعتبر قصورًا خطيرًا يعيب التقرير.
  • الخروج عن نطاق المهمة: كأن تكون مهمة الخبير تحديد سبب انهيار جدار، فيتجاوز مهمته ويتحدث عن مسؤولية المقاول القانونية، فهذا يعتبر تدخلاً في عمل القاضي.
  • السطحية والعمومية: إذا جاء التقرير عامًا ومبهمًا وخاليًا من التفاصيل الفنية والأسانيد العلمية التي تدعم نتائجه، فإنه يفقد قيمته ولا يمكن للمحكمة أن تطمئن إليه.
  • عدم الرد على اعتراضات الخصوم: إذا قدم الخصوم ملاحظات أو اعتراضات مكتوبة للخبير أثناء مباشرته للمهمة، وتجاهلها الخبير ولم يرد عليها في تقريره، فإن ذلك يعتبر إخلالًا بحق الدفاع.
  • نحن في مكتب فيصل الحارثي للمحاماة نتعاون مع شبكة من الخبراء الاستشاريين في مختلف المجالات لمساعدتنا على كشف هذه العيوب الفنية الدقيقة وتقديمها للمحكمة في قالب قانوني مقنع.

الطرق القانونية للطعن في تقرير الخبير

يوفر النظام السعودي للخصوم مجموعة من الأدوات والطرق القانونية التي يمكن استخدامها لتحدي تقرير الخبير والطعن في صحته، واختيار الطريقة المناسبة يعتمد على طبيعة العيب الموجود في التقرير وعلى استراتيجية المحامي.

  • الطعن بالبطلان: وهو الطريق الأكثر جذرية، ويستخدم في حالة وجود عيب إجرائي جوهري، مثل عدم أداء اليمين أو عدم دعوة الخصوم، ويهدف إلى إلغاء التقرير بالكامل.
  • طلب مناقشة الخبير: يحق للخصم أن يطلب من المحكمة استدعاء الخبير لمناقشته في جلسة علنية، وتوجيه الأسئلة إليه مباشرة لتوضيح التناقضات أو إظهار نقاط الضعف في تقريره أمام القاضي.
  • طلب رد الخبير: إذا كانت هناك أسباب قوية تشكك في حياد الخبير ونزاهته (مثل وجود قرابة أو عداوة)، يمكن للخصم تقديم طلب رسمي لرد الخبير واستبداله بآخر.
  • طلب ندب خبير آخر أو لجنة ثلاثية: إذا كان التقرير الأول معيبًا بشكل واضح، أو إذا كان النزاع على درجة عالية من التعقيد، يمكن للخصم أن يطلب من المحكمة ندب خبير آخر أو لجنة مكونة من ثلاثة خبراء لزيادة الضمانة والوصول إلى رأي أكثر دقة.
  • طلب إعادة المهمة إلى الخبير نفسه: في حالات القصور البسيط أو عدم الرد على بعض النقاط، يمكن طلب إعادة المهمة إلى نفس الخبير لتدارك هذا النقص وإعداد تقرير تكميلي.
  • تقديم تقرير استشاري مضاد: كما ذكرنا، يعتبر هذا من أقوى أساليب الطعن، حيث يتم مواجهة الدليل الفني بدليل فني آخر، مما يضع القاضي أمام رأيين فنيين ويمنحه فرصة أكبر للمقارنة والترجيح.

الإجراءات القانونية لإثبات بطلان التقرير

إن الادعاء بوجود أسباب بطلان تقرير الخبير لا يكفي وحده، بل يجب اتباع سلسلة من الإجراءات القانونية المنظمة لتقديم هذا الادعاء وإثباته أمام المحكمة بطريقة مقنعة ومنتجة.

  • يبدأ الإجراء بتقديم الدفع بالبطلان في أول جلسة تالية لإيداع التقرير وقبل الخوض في مناقشة موضوعه، وذلك من خلال مذكرة مكتوبة أو شفاهةً مع إثبات ذلك في محضر الجلسة.
  • يجب على مقدم الدفع أن يحدد بدقة سبب البطلان الذي يستند إليه، سواء كان شكليًا أم موضوعيًا.
  • يقوم مقدم الدفع بتقديم كافة الأدلة والمستندات التي تثبت صحة دفعه، فإذا كان يدعي عدم دعوته، فعليه أن يثبت ذلك، وإذا كان يدعي أن الخبير اعتمد على بيانات خاطئة، فعليه تقديم البيانات الصحيحة.
  • يتمسك المحامي بالدفوع التي قدمها ويشرحها للقاضي شفهيًا في الجلسة، ويرد على أي تعقيب من الخصم الآخر.
  • إذا رأت المحكمة جدية الدفع بالبطلان، فقد تقرر وقف الفصل في موضوع الدعوى مؤقتًا، والفصل في مسألة البطلان أولاً.
  • قد تقوم المحكمة بتحقيق الدفع، كأن تستدعي الخبير لسؤاله عن سبب عدم دعوة أحد الخصوم.
  • في النهاية، تصدر المحكمة قرارها إما بقبول الدفع والحكم ببطلان التقرير، أو برفض الدفع والاستمرار في نظر الدعوى مع اعتبار التقرير كأحد عناصر الإثبات.
  • تتطلب هذه الإجراءات خبرة ودراية بقانون المرافعات الشرعية ونظام الإثبات، والمحامي المتمرس هو القادر على التنقل بين هذه الإجراءات بسلاسة لتحقيق مصلحة موكله.

هل صدر تقرير خبير مجحف بحقك؟ لا تستسلم، فالقانون في صفك.

إن مواجهة تقرير خبير يبدو وكأنه يحسم القضية ضدك يمكن أن يكون أمرًا محبطًا للغاية، وقد يجعلك تشعر بأن حقوقك على وشك الضياع. لكن الحقيقة هي أن تقرير الخبير ليس نهاية المطاف. النظام القانوني السعودي وفر لك العديد من الوسائل للطعن في هذا التقرير وتفنيده وإظهار عيوبه للمحكمة.

في مكتب فيصل الحارثي للمحاماة، نحن نتفهم تمامًا هذا الموقف الدقيق. لدينا فريق من المحامين المتخصصين الذين يملكون الخبرة العميقة في تحليل تقارير الخبرة، وتحديد نقاط ضعفها، وصياغة مذكرات اعتراضية قوية ومقنعة. نحن لا نكتفي بالجانب القانوني، بل نتعاون مع أفضل الخبراء الاستشاريين في مختلف المجالات لتقديم رأي فني مضاد يدعم موقفك ويفند ادعاءات خصمك.

لا تدع تقريرًا معيبًا يحدد مصير قضيتك. حان الوقت لتتخذ الإجراء الصحيح وتستعين بالخبرة التي تستحقها.

اتصل بنا الآن للحصول على استشارة قانونية عاجلة، ودعنا نضع استراتيجية الطعن التي تعيد قضيتك إلى مسارها الصحيح.

هاتف: ‎+966 54 124 4411

التعليقات معطلة.