تُعد قضايا الميراث وتقسيم التركات من أكثر المسائل القانونية حساسية ودقة في النسيج الاجتماعي السعودي، فهي لا تمس الجوانب المالية والمادية فحسب، بل تتشابك بعمق مع العلاقات الأسرية والروابط الإنسانية التي قد تتعرض لضغوط هائلة عند نشوء الخلافات. فبعد وفاة المورث، وهي لحظة تتطلب التكاتف والرحمة، قد يجد بعض الورثة أو أصحاب الحقوق أنفسهم في مواجهة تحديات معقدة ومؤلمة، كامتناع بعض الورثة عن الشروع في تقسيم التركة، أو إنكار حقوق الآخرين بشكل صريح أو ضمني، أو الاستيلاء على جزء من الميراث والانتفاع به دون وجه حق. في هذه الظروف العصيبة، وعندما تُسد كل طرق الحلول الودية، يصبح اللجوء إلى القضاء خيارًا لا مفر منه، ليس من باب السعي للنزاع، بل كوسيلة ضرورية لحماية الحقوق وإعادتها إلى أصحابها الشرعيين.
إن عملية رفع دعوى على ورثة في السعودية هي مسار قانوني منظم وضعته الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية في المملكة بهدف تحقيق العدالة وضمان حصول كل ذي حق على حقه الشرعي والنظامي. ولكن هذا المسار القضائي يتطلب فهمًا عميقًا للأنظمة، وخبرة واسعة في التعامل مع الإجراءات القضائية المعقدة، وقدرة فائقة على إثبات الحقوق وتقديم الأدلة والبينات المقنعة. ولأن هذه القضايا تتسم بالتعقيد الشديد وتشابك المصالح، فإن الاستعانة بمحامٍ متخصص ومحنك تصبح ضرورة ملحة لا غنى عنها. في مكتب فيصل الحارثي للمحاماة، ندرك تمامًا حجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا عند التعامل مع قضايا التركات الحساسة، ونلتزم بتقديم الدعم القانوني الكامل لعملائنا، لنكون سندهم وعونهم في استعادة حقوقهم والمضي قدمًا نحو حل عادل ومنصف يحفظ الحقوق ويراعي صلات القربى قدر الإمكان.
مفهوم رفع دعوى على ورثة
لفهم الأبعاد القانونية العميقة لهذا الإجراء، لا بد من توضيح ماهيته والأساس النظامي المتين الذي يقوم عليه، فهو ليس مجرد خلاف شخصي يتم عرضه على القاضي، بل هو مطالبة قضائية محكومة بقواعد إجرائية وموضوعية محددة تهدف إلى تحقيق العدل.
-
إن رفع دعوى على ورثة هو إجراء قضائي رسمي يلجأ إليه شخص يملك مصلحة مشروعة، سواء كان هذا الشخص وارثًا آخر، أو دائنًا للمتوفى، أو موصى له، أو أي صاحب حق آخر، وذلك لمطالبة ورثة المتوفى بأداء حق معين أو تنفيذ التزام كان في ذمة مورثهم، أو لحل نزاع جوهري متعلق بالتركة نفسها وإدارتها وتقسيمها.
-
تستند هذه الدعوى إلى مبدأ فقهي ونظامي أساسي في المملكة العربية السعودية، وهو أن التركة تنتقل إلى الورثة بعد وفاة المورث محملة بكافة حقوقها والتزاماتها وديونها، وبالتالي يصبح الورثة مسؤولين من الناحية القانونية عن سداد ديون المتوفى وتنفيذ التزاماته، ولكن هذه المسؤولية تكون مقيدة في حدود ما آل إليهم من التركة.
-
لا تقتصر أطراف الدعوى على الورثة والدائنين فقط، فقد يكون المدعي هو أحد الورثة الذي يطالب بحصته الشرعية من الميراث التي يمتنع الآخرون عن تسليمها له، أو يطالب بإزالة ضرر أو تعدي وقع عليه من قبل بقية الورثة، مما يجعل طبيعة الدعوى تختلف وتتنوع بشكل كبير باختلاف أطرافها وموضوعها وطلباتها.
-
يشمل مفهوم رفع دعوى على ورثة بشكل واضح الحالات التي يقوم فيها دائن برفع دعوى قضائية ضد مجموع الورثة أو بعضهم لاستيفاء دين له على مورثهم، حيث إن حقوق الدائنين مقدمة شرعًا ونظامًا على حقوق الورثة في التركة، ويجب وجوبًا سدادها أولًا قبل الشروع في توزيع أي جزء من الميراث على المستحقين.
-
تعتبر هذه الدعوى وسيلة نظامية فعالة لحماية الحقوق من الضياع أو النقصان، خاصة في الحالات التي يوجد فيها مماطلة متعمدة أو إنكار صريح للحقوق من قبل بعض الورثة المسيطرين فعليًا على أعيان التركة، فهي تضع الخلاف برمته تحت نظر السلطة القضائية للفصل فيه بحكم ملزم لجميع الأطراف.
-
يختلف نطاق مسؤولية كل وارث عن ديون المورث والتزاماته، حيث تكون المسؤولية في حدود حصته من التركة فقط، ولا يكون مسؤولًا في ماله الخاص عن ديون مورثه، وهو أمر جوهري يحرص القضاء والمحامي الخبير على تطبيقه بدقة عند رفع دعوى على ورثة لضمان عدم تحميل أي وارث ما لا يلزمه.
-
إن الهدف الأسمى من رفع دعوى على ورثة ليس بالضرورة خلق نزاع أو تعميق الخلافات الأسرية، بل هو في كثير من الأحيان الوسيلة الوحيدة المتاحة لتوثيق الحقوق بشكل رسمي ونهائي، وإلزام جميع الأطراف بتطبيق القسمة الشرعية والنظامية تحت إشراف قضائي يضمن الشفافية والعدالة للجميع، بمن فيهم القصر والغائبون.
الأسباب الشائعة لرفع دعوى على ورثة
تتعدد الأسباب والدوافع التي قد تضطر صاحب الحق، سواء كان وارثًا أو دائنًا، إلى اللجوء للقضاء، وتنشأ هذه الأسباب غالبًا من خلافات عملية وجوهرية حول إدارة وتوزيع التركة بعد وفاة المورث، مما يجعل الحل الودي مستحيلًا.
-
يعد امتناع بعض الورثة عن تقسيم التركة أو المماطلة فيه من أكثر الأسباب شيوعًا ودفعًا لرفع الدعاوى القضائية، حيث قد يسيطر أحد الورثة النافذين أو أكثر على كامل التركة أو جزء مؤثر منها كالعقارات أو الشركات، ويرفض بشكل قاطع البدء في إجراءات القسمة، مما يضطر باقي الورثة إلى رفع دعوى على ورثة للمطالبة بالقسمة الإجبارية عن طريق المحكمة.
-
إنكار حقوق الدائنين أو المماطلة المستمرة في سداد ديون المتوفى يعد سببًا رئيسيًا آخر، حيث قد يتجاهل الورثة بعد استلامهم للتركة الديون المستحقة على مورثهم، سواء كانت ديونًا لأفراد أو لمؤسسات، مما يدفع الدائن إلى رفع دعوى على ورثة لإلزامهم قضائيًا بالسداد من أموال التركة قبل توزيعها على أنفسهم.
-
قد ينشأ الخلاف الشديد حول تقييم أصول التركة، خاصة إذا كانت التركة تشتمل على أصول معقدة ومتنوعة مثل العقارات التجارية، أو الشركات العائلية، أو المحافظ الاستثمارية، أو الأراضي الزراعية، حيث قد لا يتفق الورثة على قيمتها العادلة، مما يستدعي رفع دعوى لتعيين خبير مقيم معتمد من قبل المحكمة لتقدير قيمتها بشكل محايد وعادل.
-
استيلاء أحد الورثة على جزء من التركة دون وجه حق، كأن يقوم بسكن عقار من عقارات المورث بشكل دائم دون موافقة بقية الورثة ودون احتساب أجرة المثل لصالح التركة، أو أن يستولي على أموال نقدية أو مجوهرات كانت بحوزة المتوفى، مما يستدعي رفع دعوى لإعادة هذا الجزء المغتصب إلى التركة وإلزام المستولي بدفع مقابل انتفاعه.
-
وجود وصية تركها المورث ورغبة بعض الورثة في الطعن في صحتها لأسباب مقبولة نظامًا، أو اعتراضهم على تنفيذها لأنها قد تضر بمصالحهم، أو نشوء الخلاف حول تفسير بنودها الغامضة، كل ذلك يمكن أن يكون سببًا مباشرًا وقويًا لرفع دعوى على ورثة للفصل في أمر الوصية من قبل المحكمة المختصة وإعطاءها الحجية اللازمة.
-
الخلاف الحاد حول إدارة الأموال المشتركة للتركة قبل قسمتها النهائية، مثل كيفية تحصيل إيجارات العقارات الموروثة وتوزيعها، أو كيفية إدارة أرباح الشركات والمؤسسات، أو من الذي يتحمل مصاريف صيانة الأصول والممتلكات، وهذا الخلاف قد يؤدي إلى رفع دعوى للمطالبة بتعيين حارس قضائي على التركة لإدارتها بشكل محايد.
-
اكتشاف أن المورث قد وهب أو باع جزءًا مؤثرًا من أمواله لأحد الورثة في حياته بقصد حرمان بقية الورثة، مما قد يثير شبهة صورية العقد أو أنه تم في مرض الموت، ويدفع الورثة المتضررين إلى رفع دعوى على ورثة لإبطال هذه التصرفات وإعادة الأموال إلى التركة لتوزع على الجميع حسب الأنصبة الشرعية.
-
إخفاء أحد الورثة لجزء من أعيان التركة، كأن يكون على علم بوجود حساب بنكي للمتوفى لا يعرفه الآخرون أو يمتلك مستندات ملكية لأراضٍ وعقارات ويخفيها عن البقية طمعًا في الاستئثار بها، مما يجعل رفع دعوى على ورثة هو السبيل الوحيد للكشف عن هذه الأموال المخفية وإدخالها ضمن التركة.
رفع دعوى على ورثة
إن قرار اللجوء إلى القضاء في مسائل التركات هو خطوة حاسمة ومصيرية تتطلب دراسة متأنية وتخطيطًا سليمًا وفهمًا واضحًا للإجراءات وتبعاتها، فالدعوى ليست مجرد تقديم طلب، بل هي عملية قانونية متكاملة لها أركانها وشروطها التي يجب استيفاؤها.
-
تبدأ عملية رفع دعوى على ورثة فعليًا وواقعيًا من لحظة توكيل محامٍ متخصص وموثوق، فالمحامي هو من يقوم بتقييم الموقف القانوني بشكل شامل، وتحديد نوع الدعوى الأنسب لطبيعة النزاع، وتوجيه العميل نحو المسار الصحيح الذي يضمن له أفضل فرصة ممكنة للنجاح في استرداد حقوقه بأسرع وقت وأقل تكلفة.
-
من الحكمة والضرورة قبل رفع دعوى على ورثة التأكد من استنفاد كافة الطرق الودية الممكنة لحل النزاع، فغالبًا ما توصي المحاكم وتشجع على الصلح الأسري، وقد يكون اللجوء إلى الوساطة الأسرية أو المصالحة عبر منصة “تراضي” الحكومية خطوة أولية مهمة ومفيدة قبل التوجه إلى مسار التقاضي الطويل.
-
يتطلب رفع دعوى على ورثة تحديد أطراف الدعوى بدقة متناهية، أي تحديد المدعي (صاحب الحق) والمدعى عليهم (وهم الورثة المعنيون بالنزاع)، ويجب أن يتم ذلك بناءً على صك حصر الورثة الرسمي الذي يعتبر الوثيقة الأساسية التي تحدد جميع الورثة الشرعيين للمتوفى وأهليتهم للتقاضي.
-
تعتبر صياغة صحيفة الدعوى هي الركن الأساسي والعمود الفقري في عملية رفع دعوى على ورثة، حيث يجب أن تكون مكتوبة بلغة قانونية سليمة ورصينة، وأن تشتمل على جميع البيانات المطلوبة نظامًا، وأن توضح وقائع الدعوى بشكل متسلسل ومنطقي، وأن تحدد الطلبات في نهاية الصحيفة بشكل دقيق وواضح لا لبس فيه ولا غموض.
-
يقوم المحامي الخبير في مكتب فيصل الحارثي عند رفع دعوى على ورثة بتضمين كافة الأسانيد الشرعية من القرآن والسنة، والمواد النظامية من الأنظمة السعودية ذات الصلة التي تدعم موقف موكله، مع إرفاق قائمة بجميع المستندات والأدلة والبينات التي سيتم تقديمها للمحكمة لإثبات الحق المدعى به.
-
بعد إعداد صحيفة الدعوى ومراجعتها بدقة، يتم قيدها إلكترونيًا عبر بوابة “ناجز” التابعة لوزارة العدل، وتحديد المحكمة المختصة بنظر النزاع، والتي تكون في الغالب محكمة الأحوال الشخصية، ثم يتم تحديد موعد للجلسة الأولى وإبلاغ جميع أطراف الدعوى بشكل إلكتروني ورسمي.
-
تتضمن إجراءات رفع دعوى على ورثة مراحل متعددة ومتتالية بعد قيدها، تشمل مرحلة تبادل المذكرات بين الأطراف، وجلسات الاستماع والمرافعة الشفهية أمام القاضي، وربما مرحلة ندب خبير لتقييم التركة أو فحص الحسابات، وكلها خطوات دقيقة تتطلب متابعة حثيثة ويقظة تامة من محامٍ خبير.
مدة قضايا الميراث في المحاكم
من أكثر الأسئلة التي تشغل بال أصحاب الحقوق وتؤرقهم هو الوقت الذي قد تستغرقه القضية في أروقة المحاكم، والإجابة الدقيقة على هذا السؤال تعتمد على مجموعة من العوامل المتغيرة والمعقدة التي تؤثر بشكل مباشر على سير إجراءات الدعوى.
-
لا يمكن بأي حال من الأحوال تحديد مدة زمنية ثابتة ومحددة مسبقًا لجميع قضايا الميراث، فمدة القضية تختلف بشكل كبير من حالة إلى أخرى بناءً على درجة تعقيدها وطبيعتها، فالدعوى التي تقتصر على المطالبة بقسمة مبلغ نقدي في حساب بنكي تختلف كليًا عن دعوى تتعلق بتركة ضخمة ومعقدة تشمل شركات وأسهم وأصول داخل وخارج المملكة.
-
يؤثر عدد الورثة ومدى تعاونهم أو تعنتهم بشكل مباشر وجوهري على مدة القضية، فكلما زاد عدد الورثة، زادت احتمالية وجود خلافات فرعية أو صعوبات في تبليغهم جميعًا أو الحصول على ردودهم في الوقت المناسب، بينما إذا كان الورثة متعاونين، يمكن إنهاء القضية بسرعة عبر قسمة التراضي حتى بعد رفع دعوى على ورثة.
-
تلعب طبيعة أصول التركة دورًا حاسمًا في تحديد مدة التقاضي، فالأصول النقدية والأسهم المدرجة في السوق المالية تعتبر سهلة القسمة نسبيًا، بينما العقارات تتطلب إجراءات تقييم وقد تحتاج إلى بيعها في مزاد علني إذا تعذرت القسمة العينية بين الورثة، وهذا الإجراء يستغرق وقتًا طويلًا.
-
إن وجود نزاعات إضافية ومتشعبة ضمن القضية الرئيسية، مثل الطعن في صحة وصية، أو المطالبة بديون متعددة على التركة، أو وجود ورثة قاصرين أو فاقدي الأهلية، كلها عوامل تؤدي حتمًا إلى إطالة أمد التقاضي، حيث يتطلب كل نزاع فرعي إجراءات تحقيق وإثبات خاصة به وقد يستدعي جلسات إضافية.
-
إن كفاءة وخبرة المحامي الموكل بالقضية لها تأثير كبير وملموس على سرعة الإجراءات، فالمحامي المتمكن من قضايا التركات، مثل فريق عمل مكتب فيصل الحارثي للمحاماة، يعرف كيفية تقديم الطلبات بشكل صحيح ومكتمل، وتجهيز الأدلة والبينات مسبقًا، وتجنب التأجيلات غير الضرورية، مما يساهم في اختصار مدة القضية قدر الإمكان.
-
إن إجراءات ندب الخبراء، سواء كانوا خبراء تقييم عقاري، أو محاسبين قانونيين لمراجعة حسابات الشركات، أو مقوّمي أصول معتمدين، قد تستغرق وقتًا ، حيث يقوم الخبير بدراسة ملف القضية وإعداد تقرير فني مفصل وتقديمه للمحكمة، وهذه العملية قد تمتد لعدة أشهر في القضايا الكبيرة والمعقدة.
-
تهدف الأنظمة القضائية الحديثة في المملكة العربية السعودية إلى تسريع وتيرة التقاضي، وقد ساهم التحول الرقمي الكامل عبر منصة ناجز في اختصار العديد من الإجراءات الإدارية، ولكن تبقى الطبيعة المعقدة والمتشعبة لقضايا التركات هي العامل الحاسم في تحديد المدة الزمنية التي تحتاجها للوصول إلى حكم نهائي بات.
أنواع دعاوى الميراث
تحت المظلة الواسعة لقضايا التركات، تندرج أنواع متعددة ومتخصصة من الدعاوى التي تختلف باختلاف موضوعها والهدف المرجو منها، وفهم هذا التصنيف الدقيق يساعد صاحب الحق ومحاميه على تحديد المسار القانوني الصحيح والمناسب لطبيعة النزاع القائم.
-
تعتبر دعوى قسمة تركة إجبار من أشهر وأكثر أنواع الدعاوى شيوعًا في محاكم الأحوال الشخصية، ويلجأ إليها الورثة عند فشلهم التام في التوصل إلى اتفاق ودي وعادل حول تقسيم الميراث، حيث يطلبون من المحكمة التدخل لفرض القسمة بينهم وفقًا للأنصبة الشرعية والنظامية، وذلك بعد رفع دعوى على ورثة ممتنعين عن القسمة.
-
دعوى المطالبة بدين على التركة هي دعوى يقيمها دائن المتوفى ضد الورثة بصفتهم ممثلين للتركة، يطالبهم فيها بسداد الدين المستحق له من أموال المورث قبل أن يتم توزيعها، وهي دعوى ذات أولوية قصوى حيث إن سداد الديون مقدم شرعًا ونظامًا على حق الورثة في الميراث.
-
دعوى إثبات وصية أو الطعن فيها، ففي حال وجود وصية تركها المورث، قد يرفع المستفيد منها دعوى لإثبات صحتها ونفاذها وإلزام الورثة بتنفيذها، وفي المقابل، قد يقوم أحد الورثة أو جميعهم برفع دعوى للطعن في صحة الوصية إذا كانت لديه أسباب مشروعة لذلك، كأن تكون الوصية قد صدرت في مرض الموت أو تجاوزت الثلث الشرعي المسموح به.
-
دعوى المحاسبة أو المطالبة بالريع، ويقيمها أحد الورثة أو مجموعة منهم ضد وارث آخر كان يضع يده على التركة أو جزء مؤثر منها ويتولى إدارتها واستغلالها، وذلك لمطالبته بتقديم كشف حساب دقيق ومفصل عن كافة إيرادات ومصروفات التركة خلال فترة إدارته لها، وتسليم كل وارث حصته من الريع أو الأرباح التي تم تحقيقها.
-
دعوى إثبات وقف، وفيها يتم رفع دعوى لإثبات أن جزءًا معينًا من أموال المورث هو مال موقوف لأعمال الخير والبر بناءً على حجة وقف شرعية أو وصية وقفية، وبالتالي يجب إخراج هذا الجزء الموقوف من التركة قبل قسمتها على الورثة وتعيين ناظر عليه لتنفيذ شرط الواقف.
-
دعوى إبطال تصرفات المورث، وهي دعوى حساسة ومعقدة يقيمها بعض الورثة لإبطال عقد بيع أو هبة قام به المورث لأحد الورثة الآخرين قبل وفاته، إذا ثبت بالأدلة القاطعة أن هذا التصرف كان صوريًا وغير حقيقي أو أنه تم في مرض الموت بقصد الإضرار ببقية الورثة وحرمانهم من حقوقهم الشرعية.
-
دعوى تعيين حارس قضائي على التركة، ويلجأ إليها الورثة عند اشتداد الخلاف بينهم حول إدارة التركة والخوف من ضياعها أو تبديدها أو سوء إدارتها، حيث يطلبون من المحكمة إصدار أمر بتعيين طرف محايد (حارس قضائي) ليتولى إدارة أموال التركة وحفظها وتحصيل إيراداتها لحين الفصل في النزاع الأساسي حول القسمة.
الإجراءات القانونية لرفع الدعوى
إن المضي قدمًا في المسار القضائي للحصول على الحقوق في التركة يتطلب الالتزام بخطوات إجرائية دقيقة ومحددة نصت عليها الأنظمة، وتولي هذه الإجراءات لمحامٍ متخصص ومتابع يضمن سلامتها وصحتها من الناحية الشكلية والموضوعية.
-
تتمثل الخطوة الأولى والجوهرية في توكيل محامٍ مرخص ومتخصص في قضايا الأحوال الشخصية والتركات، مثل المحامين الأكفاء في مكتب فيصل الحارثي، حيث يقوم المحامي بدراسة القضية من كافة جوانبها وتقديم الاستشارة القانونية الأولية وتحديد مدى قوة الموقف القانوني لموكله وجمع الأدلة اللازمة.
-
الخطوة الثانية والمهمة هي جمع كافة المستندات والوثائق الضرورية والداعمة للدعوى، وعلى رأسها صك حصر الورثة الذي يعتبر الأساس في أي دعوى ميراث، بالإضافة إلى صكوك ملكية العقارات، وكشوف الحسابات البنكية، والسجلات التجارية، وأي مستندات أخرى تثبت وجود التركة وتكوينها وحجمها.
-
يقوم المحامي بعد ذلك بمهمة صياغة صحيفة الدعوى بشكل احترافي ودقيق، متضمنة بيانات المدعي والمدعى عليهم بشكل كامل وصحيح، وعرضًا مفصلًا ومنطقيًا لوقائع النزاع، وتحديدًا دقيقًا وواضحًا للطلبات في ختام الصحيفة، مع الاستناد إلى المواد النظامية والأسس الشرعية ذات الصلة.
-
يتم تقديم صحيفة الدعوى إلكترونيًا عبر بوابة ناجز، وهي المنصة الرقمية الرسمية لوزارة العدل، حيث يتم رفع الدعوى ومرفقاتها من المستندات وسداد الرسوم القضائية إن وجدت، وبعد قبول الدعوى من الناحية الشكلية، يتم تحديد دائرة قضائية للنظر فيها وتحديد موعد لأول جلسة تحضيرية.
-
يتم إعلان المدعى عليهم (الورثة الآخرون وأي أطراف أخرى في الدعوى) بصحيفة الدعوى وموعد الجلسة عبر الوسائل الرسمية المعتمدة، مثل الرسائل النصية على رقم الجوال الموثق في نظام “أبشر”، ويجب التأكد من إتمام عملية التبليغ بشكل صحيح لجميع الأطراف لضمان عدم بطلان الإجراءات مستقبلًا.
-
تبدأ بعد ذلك مرحلة التقاضي الفعلي والمرافعة أمام المحكمة، والتي تشمل جلسات المرافعة، وتقديم الدفوع والمذكرات الجوابية من قبل الأطراف، وقد تطلب المحكمة من الأطراف تقديم أدلة إضافية أو تستدعي شهودًا لسماع أقوالهم، وهي مرحلة تتطلب نفسًا طويلًا ومتابعة دقيقة ومستمرة من المحامي.
-
في حال كانت التركة تتطلب تقييمًا فنيًا أو فحصًا محاسبيًا، قد تقرر المحكمة ندب خبير مختص من قائمة الخبراء المعتمدين، وبعد أن يقدم الخبير تقريره المفصل للمحكمة، يتمكن الأطراف من التعليق عليه والرد على ما ورد فيه قبل أن تتخذ المحكمة قرارها النهائي في ضوء ما تم تقديمه.
-
تنتهي الدعوى بصدور حكم ابتدائي من محكمة الدرجة الأولى، ويكون هذا الحكم قابلًا للاعتراض عليه بالاستئناف من قبل أي من الأطراف غير الراضين بالحكم خلال المدة النظامية المحددة، وإذا لم يتم الاعتراض عليه أو تم تأييده من محكمة الاستئناف، يصبح الحكم نهائيًا وواجب النفاذ.
المستندات القانونية لرفع الدعوى
لضمان قبول الدعوى من الناحية الشكلية وتأسيسها على أساس متين من الناحية الموضوعية، يجب إرفاق مجموعة من المستندات الأساسية التي لا غنى عنها عند رفع دعوى على ورثة، والتي تشكل جسم البينة في القضية.
-
يُعد صك حصر الورثة المستند الأهم والرئيسي والعمود الفقري لأي دعوى ميراث، فهو الوثيقة الرسمية الصادرة من المحكمة التي تحدد بشكل قاطع من هم الورثة الشرعيون للمتوفى وأنصبتهم الشرعية، ولا يمكن المضي قدمًا في أي دعوى ميراث نظامية بدونه، ويتم استخراجه من محكمة الأحوال الشخصية.
-
شهادة الوفاة الرسمية للمورث هي مستند أساسي لإثبات واقعة الوفاة التي هي سبب انتقال التركة وبدء الحق في الميراث، وتاريخ الوفاة مهم لتحديد بعض الأمور القانونية المتعلقة بالتركة.
-
إثبات هوية المدعي (سواء كانت الهوية الوطنية للسعوديين أو إثبات الإقامة للمقيمين)، وكذلك الوكالة الشرعية للمحامي الموكل بالقضية، والتي يجب أن تكون سارية المفعول وتمنحه الحق في الترافع والقيام بكافة الإجراءات اللازمة نيابة عن موكله.
-
صكوك الملكية لجميع العقارات المملوكة للمتوفى، سواء كانت أراضي بيضاء أو مبانٍ سكنية أو تجارية، فهي الدليل الرسمي على ملكية المورث لهذه العقارات ودخولها ضمن أعيان التركة التي يجب قسمتها.
-
كشوفات الحسابات البنكية للمتوفى لآخر فترة ممكنة قبل وفاته، والتي تظهر الأرصدة النقدية والتعاملات المالية، بالإضافة إلى أي شهادات ملكية للأسهم في الشركات المساهمة أو وثائق الصناديق الاستثمارية التي تظهر الأصول المالية السائلة.
-
في حال كانت الدعوى تتعلق بدين على التركة، يجب على الدائن تقديم كافة المستندات التي تثبت هذا الدين بشكل لا يدع مجالًا للشك، مثل سندات الأمر، أو الشيكات، أو العقود المبرمة، أو الإقرارات الخطية بالدين، وأي مراسلات أو إثباتات أخرى تدعم مطالبته.
-
إذا كان النزاع يتعلق بوجود وصية، فيجب تقديم نسخة من صك الوصية إذا كانت موثقة لدى كاتب العدل، أو تقديم أي دليل يثبت وجودها وصحتها إذا كانت غير موثقة، مثل شهادة الشهود الذين حضروا إيصاء المورث بها.
-
السجلات التجارية للشركات أو المؤسسات التي كان يملكها المتوفى، وعقود تأسيسها، وتقاريرها المالية الأخيرة، وذلك لتقدير قيمتها السوقية العادلة كجزء من أصول التركة، وهو أمر غالبًا ما يتطلب مساعدة من محاسب قانوني وخبير تقييم أعمال.
إن الخوض في غمار دعاوى التركات يتطلب أكثر من مجرد معرفة بالحقوق، بل يتطلب خبرة عميقة ودراية واسعة بالإجراءات القضائية والقدرة على التعامل مع تفاصيلها المعقدة والمتشعبة. إن قرارك برفع دعوى على ورثة هو قرار يهدف إلى حماية حق شرعي وقانوني لك، ولا يجب أن تتردد في اتخاذه عند استنفاد كافة السبل الودية واستمرار التعنت من الطرف الآخر.
في مكتب فيصل الحارثي للمحاماة، نضع بين يديك سنوات طويلة من الخبرة والتخصص الدقيق في قضايا الميراث والتركات. فريقنا من المحامين والمستشارين على أتم الاستعداد لتقديم الدعم والمشورة القانونية، وتمثيلك أمام المحاكم بكل كفاءة واحترافية، لنضمن لك السير في الطريق الصحيح نحو استعادة حقوقك كاملة غير منقوصة.
لا تدع حقوقك الشرعية في التركة تضيع بسبب الخلافات العائلية أو تعقيد الإجراءات. تواصل اليوم مع مكتب فيصل الحارثي للمحاماة واحصل على استشارة قانونية متخصصة تحمي مصالحك وتوضح لك الطريق.
للبدء في اتخاذ خطواتك القانونية الصحيحة، اتصل بنا الآن على:+966 54 124 4411