عقوبة استغلال النفوذ الوظيفي في السعودية

عقوبة استغلال النفوذ الوظيفي

عقوبة استغلال النفوذ الوظيفي


تعتبر الوظيفة العامة أمانة ومسؤولية عظيمة، تهدف في المقام الأول إلى خدمة الصالح العام وتحقيق مصالح الدولة والمجتمع. ولكن عندما تتحول هذه الأمانة إلى أداة لتحقيق مكاسب شخصية، وتستخدم السلطة الممنوحة للموظف كوسيلة للثراء غير المشروع أو لمحاباة الأقارب والأصدقاء، نكون أمام جريمة خطيرة تهدم أسس العدالة والنزاهة وتفتح الباب على مصراعيه للفساد الإداري. إن جريمة استغلال النفوذ الوظيفي هي سرطان ينخر في جسد أي منظومة إدارية، حيث تقوض الثقة في مؤسسات الدولة وتعيق مسيرة التنمية وتخلق بيئة من عدم المساواة وتكافؤ الفرص.

إدراكًا لخطورة هذه الآفة، أولى المنظم السعودي اهتمامًا بالغًا بمكافحة الفساد بكافة أشكاله، ووضع أطرًا قانونية صارمة لمواجهة هذه الجريمة، وحدد عقوبة استغلال النفوذ الوظيفي بشكل رادع لكل من تسول له نفسه استغلال منصبه لتحقيق مآرب شخصية. إن فهم الأبعاد القانونية لهذه الجريمة، والقدرة على تمييزها عن غيرها من جرائم الفساد كالرشوة، ومعرفة الإجراءات الصحيحة للإبلاغ عنها، هو أمر بالغ الأهمية لكل مواطن ومقيم حريص على نزاهة مجتمعه، ولكل موظف يسعى لحماية نفسه من الوقوع في هذا المستنقع. في هذا الدليل القانوني الشامل، سيسلط مكتب فيصل الحارثي للمحاماة الضوء على كافة جوانب هذه الجريمة، مقدمًا لكم رؤية واضحة حول أركانها، وصورها المختلفة، والعقوبات المترتبة عليها، وكيفية مواجهتها قانونيًا.

💬 اطلب استشارة مجانية

استغلال النفوذ الوظيفي

نستهل هذا المقال بتوضيح المفهوم العام لجريمة استغلال النفوذ الوظيفي، التي تعتبر من أبرز جرائم الفساد التي تهدد نزاهة الوظيفة العامة ومبدأ تكافؤ الفرص.

  • يمثل استغلال النفوذ الوظيفي أحد أخطر أشكال الفساد الإداري والمالي، حيث يقوم الموظف العام أو من في حكمه باستخدام السلطات والصلاحيات الممنوحة له بموجب وظيفته لتحقيق منفعة شخصية له أو لغيره.

  • تكمن خطورة هذه الجريمة في أنها تهدم مبدأ الثقة الذي هو أساس العلاقة بين المواطن والدولة ومؤسساتها، فعندما يستغل الموظف منصبه، فإنه يخون الأمانة التي أوكلت إليه.

  • لا يقتصر الضرر الناتج عن استغلال النفوذ الوظيفي على الخسائر المادية المباشرة التي قد تتكبدها خزينة الدولة، بل يمتد ليشمل أضرارًا معنوية واجتماعية أشد خطورة.

  • يؤدي انتشار هذه الظاهرة إلى تدهور الخدمات العامة، حيث يصبح الحصول على الخدمة مرتبطًا بالواسطة والمحسوبية وليس بالاستحقاق والجدارة.

  • تساهم جريمة استغلال النفوذ الوظيفي في خلق بيئة عمل غير صحية، يسودها الإحباط بين الموظفين النزيهين الذين يرون زملاءهم يحققون مكاسب غير مشروعة بفضل مناصبهم.

  • تعتبر المملكة العربية السعودية من الدول الرائدة في مكافحة الفساد، وقد أنشأت هيئة رقابة ومكافحة الفساد (نزاهة) التي تلعب دورًا محوريًا في تتبع وضبط مرتكبي هذه الجرائم.

  • إن معرفة تفاصيل عقوبة استغلال النفوذ الوظيفي تعتبر خطوة أولى وضرورية لكل موظف ليدرك حدود صلاحياته ويتجنب الشبهات، ولكل مواطن ليعرف حقوقه وكيفية الدفاع عنها.

  • تستهدف هذه الجريمة ليس فقط الموظف العام في القطاع الحكومي، بل تمتد لتشمل كل من يتولى منصبًا ذا سلطة ونفوذ في القطاع الخاص ويستغله بشكل غير مشروع.

  • يؤكد مكتب فيصل الحارثي للمحاماة على أن الوعي القانوني هو السلاح الأول لمواجهة هذه الجريمة، سواء بالإبلاغ عنها أو بالدفاع ضد الاتهامات الكيدية المتعلقة بها.

تعريف جريمة استغلال النفوذ الوظيفي

في هذه الفقرة، نقدم تعريفًا قانونيًا دقيقًا لجريمة استغلال النفوذ الوظيفي كما وردت في الأنظمة السعودية، ونحدد العناصر الأساسية التي يتكون منها هذا التعريف.

  • عرفت المادة الخامسة من نظام مكافحة الرشوة جريمة استغلال النفوذ الوظيفي بشكل واضح، وهي الجريمة التي تشكل الإطار الأساسي الذي يحدد عقوبة استغلال النفوذ الوظيفي في السعودية.

  • ينص التعريف على أن كل موظف عام طلب لنفسه أو لغيره أو قبل أو أخذ وعدًا أو عطية لاستعمال نفوذ حقيقي أو مزعوم للحصول أو لمحاولة الحصول من أية سلطة عامة على عمل أو أمر أو قرار أو التزام أو ترخيص أو اتفاق توريد أو على وظيفة أو خدمة أو مزية من أي نوع، يعتبر مرتكبًا لهذه الجريمة.

  • يتضح من التعريف أن الجريمة تقوم بمجرد “الطلب” أو “القبول” أو “الأخذ”، حتى لو لم يقم الموظف بالفعل باستعمال نفوذه أو لم تتحقق النتيجة المرجوة.

  • يشترط في الجاني أن يكون “موظفًا عامًا” أو من في حكمه وفقًا لتعريف الموظف العام الوارد في نظام مكافحة الرشوة، والذي يشمل نطاقًا واسعًا من العاملين في الدولة والقطاع الخاص الذي يشرف على أعمال لصالح الدولة.

  • لا يشترط أن يكون النفوذ الذي يدعي الموظف استعماله حقيقيًا وموجودًا بالفعل، بل تقوم الجريمة حتى لو كان النفوذ “مزعومًا”، أي أن الموظف يوهم صاحب الحاجة بقدرته على التأثير على السلطات العامة.

  • يجب أن يكون الهدف من استعمال النفوذ هو الحصول على “مزية غير مستحقة” من إحدى السلطات العامة، وتشمل هذه المزية طيفًا واسعًا من الأمور المادية والمعنوية.

  • تشمل المزايا غير المستحقة الحصول على عقد حكومي، أو الفوز بمناقصة، أو الحصول على ترخيص بناء مخالف للنظام، أو تعيين شخص في وظيفة لا يستحقها، أو حتى إلغاء مخالفة مرورية.

  • يؤكد هذا التعريف الشامل على حرص المنظم السعودي على سد كافة الثغرات التي قد يستغلها ضعاف النفوس للإثراء غير المشروع على حساب الوظيفة العامة.

ما الفرق بين الرشوة واستغلال النفوذ؟

غالبًا ما يقع الخلط بين جريمتي الرشوة واستغلال النفوذ، لذلك نوضح في هذه الفقرة الفروق الجوهرية بينهما من الناحية القانونية وطبيعة كل جريمة.

  • على الرغم من أن كلتا الجريمتين تندرجان تحت مظلة جرائم الفساد وتتعلقان بالوظيفة العامة، إلا أن هناك فروقًا دقيقة وجوهرية بينهما.

  • في جريمة الرشوة، يقوم الموظف “بالمتاجرة بالعمل الوظيفي نفسه”، أي أنه يتقاضى مقابلًا للقيام بعمل من أعمال وظيفته أو للامتناع عن عمل يجب عليه القيام به.

  • أما في جريمة استغلال النفوذ الوظيفي، فإن الموظف لا يتاجر بعمله الوظيفي المباشر، بل يتاجر “بالنفوذ” الذي اكتسبه بصفته موظفًا للتأثير على سلطة عامة أخرى.

  • كمثال توضيحي للرشوة: موظف في البلدية يطلب مبلغًا من المال مقابل إصدار رخصة بناء لشخص، فإصدار الرخصة هو من صميم عمله.

  • كمثال توضيحي لاستغلال النفوذ: نفس موظف البلدية يطلب مبلغًا من المال من شخص ليتوسط له لدى زميله في إدارة المرور لإلغاء مخالفة، فهنا الموظف لا يتاجر بعمله بل بنفوذه وعلاقاته.

  • في الرشوة، يكون المقابل لأداء عمل أو امتناع عن عمل يدخل في اختصاص الموظف المرتشي.

  • في استغلال النفوذ، يكون المقابل لاستعمال نفوذ (حقيقي أو مزعوم) لدى سلطة أخرى للحصول على مزية لا تدخل في اختصاص الموظف مباشرًة.

  • تعتبر عقوبة استغلال النفوذ الوظيفي وعقوبة الرشوة من العقوبات الشديدة، ولكن فهم الفرق بينهما ضروري للتكييف القانوني السليم للقضية.

  • يملك المحامون المتخصصون في القضايا الإدارية والجزائية في مكتب فيصل الحارثي للمحاماة الخبرة الكافية للتمييز بين هاتين الجريمتين وتقديم الدفاع أو الادعاء بناءً على التوصيف القانوني الصحيح.

الفرق بين إساءة استعمال السلطة واستغلال النفوذ

هناك جريمة أخرى قريبة وهي إساءة استعمال السلطة، وفي هذه الفقرة نفرق بينها وبين جريمة استغلال النفوذ لتوضيح الصورة بشكل كامل.

  • جريمة إساءة استعمال السلطة (أو إساءة الاستعمال الإداري) هي جريمة أوسع نطاقًا من استغلال النفوذ، وتركز على تعمد الموظف استعمال سلطته على غير الوجه المحدد لها نظامًا.

  • في إساءة استعمال السلطة، قد لا يكون هناك مقابل مادي أو عطية، بل يكون الهدف هو مجرد تحقيق مصلحة غير مشروعة أو الإضرار بالآخرين عن طريق استخدام السلطة بشكل تعسفي.

  • أما في استغلال النفوذ الوظيفي، فإن العنصر الأساسي هو “المقابل” أو “العطية” التي يطلبها أو يأخذها الموظف لاستعمال نفوذه.

  • كمثال لإساءة استعمال السلطة: مدير يقوم بنقل موظف كفؤ من قسمه إلى قسم آخر بعيد كعقاب له على خلاف شخصي بينهما، فهنا استخدم سلطته للإضرار بالموظف دون مقابل مادي.

  • بينما في استغلال النفوذ، الشرط الأساسي هو وجود وعد أو عطية كمقابل لاستخدام هذا النفوذ لتحقيق منفعة معينة.

  • يمكن القول إن كل استغلال للنفوذ يتضمن في طياته إساءة لاستعمال السلطة، ولكن ليس كل إساءة لاستعمال السلطة تعتبر بالضرورة جريمة استغلال للنفوذ الوظيفي.

  • تخضع جريمة إساءة استعمال السلطة لعقوبات تعزيرية يقدرها القاضي، بينما عقوبة استغلال النفوذ الوظيفي محددة بشكل واضح في نظام مكافحة الرشوة.

  • إن هذا التمييز الدقيق بين المفاهيم القانونية هو من صميم عمل المحامي المتخصص، الذي يبني استراتيجيته القانونية على الفهم العميق لهذه الفروق.

أركان جريمة استغلال النفوذ الوظيفي في السعودية

لكي تقوم أي جريمة، لا بد من توافر أركانها التي نص عليها النظام، وفي هذه الفقرة نستعرض الأركان التي يجب إثباتها لتوقيع عقوبة استغلال النفوذ الوظيفي.

  • الركن الأول: الركن المفترض (صفة الجاني): يجب أن يكون مرتكب الجريمة “موظفًا عامًا” أو من في حكمه، وفقًا للتعريف الواسع الذي أورده نظام مكافحة الرشوة، والذي يشمل العاملين في الدولة ومؤسساتها، وأعضاء المجالس النيابية، وموظفي الشركات التي تدير مرافق عامة، والمحكمين والخبراء، وغيرهم.

  • الركن الثاني: الركن المادي: وهو السلوك الإجرامي الملموس الذي يقوم به الجاني، ويتكون من ثلاثة عناصر:

    • فعل الطلب أو القبول أو الأخذ: أي سلوك يصدر من الموظف ويعبر عن رغبته في الحصول على مقابل، سواء كان طلبًا صريحًا أو تلميحًا، وسواء تسلم المقابل فعلاً أم كان مجرد وعد به.

    • المقابل (العطية): وهو المنفعة التي يحصل عليها الموظف، ولا يشترط أن تكون مادية (مال، هدايا)، بل يمكن أن تكون معنوية (خدمة، ترقية، وعد بمنفعة مستقبلية).

    • الغاية من الفعل: وهي أن يكون المقابل بهدف استعمال الموظف لنفوذه (الحقيقي أو المزعوم) لدى سلطة عامة أخرى.

  • الركن الثالث: الركن المعنوي (القصد الجنائي): يجب أن يتوافر لدى الموظف “القصد الجنائي العام”، والذي يتمثل في علمه بأركان الجريمة واتجاه إرادته الحرة إلى ارتكابها.

  • يجب أن يعلم الموظف أنه يطلب أو يأخذ مقابلًا، وأن هذا المقابل هو ثمن لاستعمال نفوذه الوظيفي للتأثير على قرار سلطة عامة.

  • لا يشترط القانون توافر “قصد جنائي خاص”، أي لا يهم ما إذا كان الباعث على الجريمة هو الطمع أو الرغبة في مساعدة صديق، فمجرد توافر العلم والإرادة يكفي لقيام الجريمة.

  • يقع على عاتق النيابة العامة عبء إثبات توافر كافة هذه الأركان لإدانة المتهم، بينما يعمل محامي الدفاع، كمحاميي مكتب فيصل الحارثي، على تفنيد هذه الأركان وإثبات عدم اكتمالها للدفاع عن موكله.

أمثلة على استغلال نفوذ وظيفي

لتقريب المفهوم إلى الأذهان، نستعرض في هذه الفقرة مجموعة من الأمثلة الواقعية التي توضح كيف يمكن أن تتجلى جريمة استغلال النفوذ الوظيفي في الحياة العملية.

  • موظف كبير في وزارة الصحة يطلب مبلغًا من المال من صاحب شركة أدوية مقابل استخدام نفوذه لدى لجنة تسجيل الأدوية لتسريع تسجيل دواء جديد تنتجه الشركة.

  • ضابط شرطة يأخذ هدية ثمينة من شخص مقابل أن يتوسط له لدى زميله في إدارة الجوازات لإنهاء إجراءات استخراج تأشيرة لعامل لديه بشكل مخالف للنظام.

  • عضو مجلس بلدي يقبل وعدًا بالحصول على قطعة أرض من مستثمر عقاري، مقابل أن يستخدم نفوذه وتصويته في المجلس لتغيير استخدام أرض يملكها المستثمر من زراعي إلى سكني.

  • مدير في شركة الكهرباء يقبل توظيف ابن أحد المقاولين في شركته، مقابل أن يستخدم نفوذه لدى لجنة المناقصات لترسية مشروع توريد محولات كهربائية على شركة ذلك المقاول.

  • موظف في ديوان المظالم يوهم أحد المراجعين بقدرته على التأثير على القضاة في قضيته المنظورة مقابل عطية مالية، وهنا تقوم الجريمة حتى لو كان نفوذه مزعومًا وغير حقيقي.

  • مدير جامعة يستخدم نفوذه لقبول طالب في كلية الطب لا تنطبق عليه شروط القبول، مقابل خدمة يقدمها له والد ذلك الطالب في عمله الخاص.

  • توضح هذه الأمثلة أن صور الجريمة متعددة ولا تقتصر على المال المباشر، بل تشمل الهدايا والخدمات والمنافع المتبادلة، وهو ما يجعل إثباتها يتطلب خبرة وتحقيقًا دقيقًا.

استغلال النفوذ الوظيفي العسكري

تكتسب جريمة استغلال النفوذ الوظيفي خطورة خاصة عندما تقع في القطاع العسكري، وفي هذه الفقرة نوضح خصوصية هذه الجريمة في هذا القطاع الحساس.

  • يعتبر العسكريون من فئة الموظفين العموميين الذين يخضعون لأحكام نظام مكافحة الرشوة، وبالتالي فإن عقوبة استغلال النفوذ الوظيفي تطبق عليهم بشكل كامل.

  • تتخذ الجريمة في القطاع العسكري أبعادًا أكثر خطورة، لأنها قد تمس أمن الدولة أو الجاهزية القتالية أو الانضباط العسكري الذي هو عماد المؤسسة العسكرية.

  • من أمثلة استغلال النفوذ الوظيفي العسكري: قائد عسكري يستخدم نفوذه لترسية عقود التموين أو الصيانة على شركات يملكها أقاربه أو أصدقاؤه.

  • ضابط في لجنة المشتريات العسكرية يطلب عمولة من شركة أسلحة أجنبية مقابل استعمال نفوذه لإقناع اللجنة بشراء منتجات تلك الشركة.

  • عسكري في إدارة التجنيد يقبل عطية من شخص لتغيير نتائج الفحص الطبي لشاب وجعله “غير لائق” للخدمة العسكرية خلافًا للحقيقة.

  • ضابط مسؤول عن التوزيع يستخدم نفوذه لنقل جندي إلى منطقة مريحة وقريبة من أهله مقابل خدمة يقدمها له والد الجندي.

  • تخضع هذه الجرائم للتحقيق من قبل الجهات الرقابية العسكرية والنيابة العامة، وتنظرها المحاكم المختصة، وتكون العقوبات فيها رادعة جدًا نظرًا لحساسية القطاع.

  • يملك مكتب فيصل الحارثي للمحاماة محامين لديهم الخبرة في التعامل مع القضايا التي يكون أحد أطرافها عسكريًا، مع فهم كامل للأنظمة والإجراءات الخاصة بهذا القطاع.

شكوى استغلال النفوذ

في هذه الفقرة، نقدم إرشادات عملية حول كيفية تقديم شكوى أو بلاغ عن جريمة استغلال نفوذ وظيفي، والجهات المختصة التي يجب اللجوء إليها.

  • إذا تعرضت لابتزاز من قبل موظف عام يطلب منك مقابلًا لاستعمال نفوذه، أو إذا علمت بوجود واقعة من هذا القبيل، فإن واجبك الوطني والأخلاقي يحتم عليك الإبلاغ فورًا.

  • الجهة الرئيسية والمختصة بتلقي البلاغات عن جرائم الفساد، بما فيها استغلال النفوذ، هي هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة).

  • توفر “نزاهة” عدة قنوات سهلة وسرية للإبلاغ، منها الاتصال على الرقم المجاني (980)، أو تقديم بلاغ عبر موقعها الإلكتروني الرسمي، أو من خلال تطبيقها على الهواتف الذكية.

  • عند تقديم الشكوى، يجب عليك تزويد الهيئة بكافة التفاصيل التي تعرفها عن الواقعة: اسم الموظف، ومنصبه، والمنفعة التي طلبها، وتاريخ ومكان الواقعة، وأي أدلة قد تكون بحوزتك.

  • تشمل الأدلة الرسائل النصية، أو التسجيلات الصوتية (بعد التنسيق مع الجهات المختصة للحصول عليها بشكل نظامي)، أو شهادة الشهود، أو أي مستندات تدعم بلاغك.

  • تتعامل “نزاهة” مع كافة البلاغات بسرية تامة لحماية المبلغ، كما أن النظام يوفر الحماية الكافية للمبلغين والشهود.

  • يمكن أيضًا تقديم البلاغ مباشرة إلى الشرطة أو النيابة العامة، والتي ستقوم بدورها بإحالة القضية إلى جهة الاختصاص.

  • من المهم جدًا عند تقديم الشكوى الاستعانة بمشورة محامٍ متخصص، ليرشدك إلى الطريقة الصحيحة لتقديم البلاغ وتجهيز الأدلة، ولحماية حقوقك خلال كافة مراحل التحقيق والمحاكمة.

استغلال النفوذ الوظيفي في القطاع الخاص

على الرغم من أن الجريمة ترتبط غالبًا بالقطاع العام، إلا أنها يمكن أن تقع أيضًا في القطاع الخاص، وفي هذه الفقرة نوضح كيف يحدث ذلك والعواقب المترتبة عليه.

  • على الرغم من أن النص النظامي الأساسي لجريمة استغلال النفوذ الوظيفي يستهدف الموظف العام، إلا أن مبادئ الحوكمة والنزاهة في القطاع الخاص تجرم مثل هذه السلوكيات.

  • يمكن أن يرتكب الموظف في شركة خاصة جريمة استغلال النفوذ إذا كانت شركته تدير مرفقًا عامًا أو تقوم بأعمال لحساب الدولة، ففي هذه الحالة يعتبر “في حكم الموظف العام”.

  • مثال: مدير في شركة خاصة متعاقدة مع الدولة لتشغيل وصيانة مستشفى حكومي، يطلب عطية من شركة توريد أجهزة طبية مقابل استعمال نفوذه لإقناع إدارته بالشراء منها، فهنا تطبق عليه عقوبة استغلال النفوذ الوظيفي.

  • حتى في الشركات الخاصة البحتة، يعتبر استغلال الموظف لمنصبه لتحقيق مكاسب شخصية خيانة للأمانة وإخلالًا بواجباته الوظيفية بموجب عقد العمل ونظام العمل السعودي.

  • مثال: مدير مشتريات في شركة خاصة كبيرة يرسّي عقود التوريد على شركة يملكها أحد أقاربه بأسعار أعلى من السوق، مقابل الحصول على نسبة من الأرباح.

  • يحق للشركة الخاصة المتضررة في هذه الحالة مقاضاة الموظف مدنيًا للمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بها، وجنائيًا بتهمة خيانة الأمانة أو الاحتيال.

  • تضع الشركات الكبرى أنظمة حوكمة ولوائح داخلية صارمة تعاقب على استغلال النفوذ وتضارب المصالح، وقد تصل العقوبة إلى الفصل من العمل مع المطالبة بالتعويض.

  • يقدم مكتب فيصل الحارثي للمحاماة استشارات قانونية للشركات لوضع أنظمة حوكمة فعالة، كما يمثلها في مقاضاة الموظفين الذين يثبت تورطهم في مثل هذه الممارسات.

كيف يكون استغلال النفوذ؟

لزيادة الوعي، نستعرض في هذه الفقرة الصور والأشكال المختلفة التي يمكن أن تتخذها جريمة استغلال النفوذ الوظيفي في الواقع العملي.

  • يكون استغلال النفوذ عن طريق المتاجرة بالعلاقات الشخصية التي كونها الموظف بحكم منصبه، حيث يوهم الآخرين بقدرته على التأثير على زملائه أو رؤسائه في جهات أخرى.

  • يكون عن طريق التوسط والمحسوبية، حيث يتدخل الموظف لصالح شخص لا يستحق الحصول على خدمة أو وظيفة أو عقد، مستغلًا مركزه الوظيفي للضغط على أصحاب القرار.

  • يكون عن طريق تسريب المعلومات السرية، حيث يقوم الموظف بتسريب معلومات عن مناقصة حكومية قادمة لإحدى الشركات مقابل عطية، لمنحها ميزة تنافسية غير عادلة.

  • يكون عن طريق استخدام الممتلكات العامة لأغراض شخصية، مثل استخدام سيارة الدوام الرسمي أو أجهزتها في أعمال خاصة لا علاقة لها بالوظيفة.

  • يكون عن طريق تعيين الأقارب والأصدقاء في وظائف لا يستحقونها أو لا يملكون الكفاءة اللازمة لها، وهو ما يعرف بـ “المحاباة”.

  • يكون عن طريق الحصول على هدايا ثمينة أو خدمات مجانية من المراجعين أو الشركات التي تتعامل مع جهته الحكومية، والتي تؤثر على حياديته ونزاهته.

  • إن فهم هذه الصور المتعددة يساعد على كشف الجريمة والتعرف عليها عند وقوعها، ويؤكد على ضرورة وجود أنظمة رقابة داخلية فعالة في كافة الجهات الحكومية والخاصة.

ما هي عقوبة استغلال النفوذ الوظيفي؟

نصل هنا إلى جوهر الموضوع، حيث نفصل العقوبة التي أقرها النظام السعودي بحق كل من تثبت إدانته بارتكاب جريمة استغلال النفوذ الوظيفي.

  • حدد نظام مكافحة الرشوة عقوبة استغلال النفوذ الوظيفي بشكل واضح وصارم في المادة الخامسة منه.

  • تنص المادة على أن عقوبة مرتكب هذه الجريمة هي “السجن مدة لا تتجاوز عشر سنوات وبغرامة لا تزيد على مليون ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين”.

  • تعتبر هذه العقوبة شديدة جدًا، مما يعكس نظرة المنظم السعودي لخطورة هذه الجريمة وتأثيرها المدمر على نزاهة الإدارة العامة.

  • لا تقتصر العقوبة على السجن والغرامة، بل تشمل أيضًا عقوبات تبعية أخرى.

  • من أهم العقوبات التبعية هي “مصادرة العطية” التي حصل عليها الموظف، أو رد قيمتها إذا كانت قد استهلكت أو حولت.

  • يمكن أن تشمل العقوبة أيضًا “الفصل من الوظيفة العامة”، وحرمانه من تولي الوظائف العامة في المستقبل، كأثر تبعي للحكم الجنائي الصادر بالإدانة.

  • يخضع تقدير العقوبة ضمن هذه الحدود (السجن حتى عشر سنوات والغرامة حتى مليون ريال) للسلطة التقديرية للقاضي، الذي يأخذ في اعتباره جسامة الجريمة، ومبلغ العطية، ومنصب الجاني، والأضرار التي ترتبت على فعله.

  • إن معرفة هذه العقوبات الرادعة يجب أن يكون حافزًا لكل موظف للابتعاد عن الشبهات، ودافعًا لكل من يتعرض للابتزاز للإبلاغ دون خوف.

  • يحرص المحامون في مكتب فيصل الحارثي للمحاماة على شرح كافة الأبعاد المتعلقة بـ عقوبة استغلال النفوذ الوظيفي لموكليهم، سواء كانوا في موقف الادعاء أو الدفاع.

حكم استغلال المنصب لمصالح شخصية

في ختام هذا التحليل القانوني، نوضح الحكم العام والنظرة الشاملة لاستغلال المنصب لتحقيق المصالح الشخصية، سواء من منظور شرعي أو نظامي أو أخلاقي.

  • من الناحية الشرعية، يعتبر استغلال المنصب للمصالح الشخصية من أكل أموال الناس بالباطل، وهو محرم شرعًا ويعتبر من كبائر الذنوب، لأنه يجمع بين الخيانة والغش والظلم.

  • وردت نصوص شرعية كثيرة تحذر من خيانة الأمانة واستغلال الولاية العامة، وتتوعد من يفعل ذلك بعذاب شديد في الآخرة، بالإضافة إلى العقوبة الدنيوية.

  • من الناحية النظامية، كما فصلنا، يعتبر استغلال المنصب جريمة يعاقب عليها القانون بعقوبات صارمة تشمل السجن والغرامة والمصادرة والفصل من الوظيفة.

  • تعتبر عقوبة استغلال النفوذ الوظيفي التي أقرها المنظم السعودي تطبيقًا عمليًا لمبدأ المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب.

  • من الناحية الأخلاقية والمهنية، يتنافى استغلال المنصب مع أبسط مبادئ أخلاقيات الوظيفة العامة التي تقوم على النزاهة والحياد والمساواة والشفافية.

  • إن الموظف الذي يستغل منصبه يفقد احترام رؤسائه وزملائه والمجتمع، ويترك وصمة عار تلاحقه طوال حياته.

  • إن الحكم العام على هذا السلوك هو أنه فعل مدمر على كافة المستويات، يضر بالدين والدولة والمجتمع والفرد، ويجب على الجميع التكاتف لمحاربته واجتثاثه من جذوره.

  • إن بناء مجتمع مزدهر ودولة قوية يبدأ من وجود جهاز إداري نزيه وفعال، يعمل لخدمة الصالح العام وليس لتحقيق المصالح الشخصية الضيقة.

إن مواجهة الفساد الإداري وجرائم استغلال النفوذ الوظيفي ليست مسؤولية جهة بعينها، بل هي مسؤولية مجتمعية مشتركة. فإذا كنت موظفًا تتعرض لضغوط تدفعك نحو هذا المسار، أو مواطنًا ترى حقوقك تضيع بسبب المحسوبية والواسطة، أو رجل أعمال تتعرض للابتزاز، فإن القانون هو حصنك المنيع. إن معرفة تفاصيل عقوبة استغلال النفوذ الوظيفي هي الخطوة الأولى، ولكن الخطوة الأهم هي التحرك وطلب المشورة القانونية الصحيحة.

في مكتب فيصل الحارثي للمحاماة، نؤمن بأن العدالة والنزاهة هما أساس أي مجتمع ناجح. لدينا فريق من المحامين المتخصصين في قضايا الفساد الإداري والمالي، الذين يملكون الخبرة العميقة والمعرفة الدقيقة بالأنظمة والإجراءات للتعامل مع هذه القضايا المعقدة. سواء كنت بحاجة لتقديم بلاغ، أو الدفاع عن نفسك ضد اتهام، أو استشارة قانونية لحماية منشأتك، فنحن هنا لنقدم لك الدعم الكامل والتمثيل القانوني المحترف الذي تستحقه.

لا تتردد في الدفاع عن حقك وعن نزاهة مجتمعك. اتصل بنا اليوم.

للحصول على استشارة قانونية متخصصة، تواصل معنا على الرقم: +966 54 124 4411

التعليقات معطلة.