تعتبر الأمانة حجر الزاوية في كافة التعاملات التجارية والوظيفية، والأساس الذي تقوم عليه الثقة بين أصحاب العمل والموظفين في القطاع الخاص. وعندما يتم خرق هذه الثقة من خلال جريمة الاختلاس، فإن الأضرار لا تقتصر على الخسائر المالية المباشرة التي تتكبدها الشركة، بل تمتد لتضرب استقرار بيئة العمل، وتؤثر على سمعة المنشأة، وتهدد استمراريتها ونموها. إن الاستيلاء على أموال خاصة تم تسليمها للموظف على سبيل الأمانة بحكم وظيفته هو فعل مجرّم بنصوص قانونية صريحة في المملكة العربية السعودية، ويعتبر من جرائم أكل أموال الناس بالباطل التي حرمتها الشريعة الإسلامية وحاربتها الأنظمة الوضعية. إن الجهل بـ عقوبة الاختلاس في القطاع الخاص وآلياتها القانونية المعقدة قد يعرض الشركات لخسائر فادحة، كما قد يودي بمستقبل الموظف المهني والشخصي.
انطلاقاً من مسؤوليتنا في مكتب فيصل الحارثي للمحاماة، ندرك تماماً حجم التحديات القانونية التي تفرضها قضايا الاختلاس على الشركات والأفراد على حد سواء. لذا، نقدم هذا المقال ليكون مرجعكم القانوني الشامل، نستعرض فيه بدقة واحترافية كافة الجوانب المتعلقة بـ عقوبة الاختلاس في القطاع الخاص. سنغوص في تفاصيل تعريف الجريمة وأركانها، ونوضح سبل إثباتها، والفروقات الجوهرية بين اختلاس المال العام والخاص، والإجراءات المتبعة في مثل هذه القضايا، مؤكدين على أن العدالة في المملكة لها مسار واضح لحماية الحقوق وردع كل من تسول له نفسه خيانة الأمانة والاعتداء على الأموال الخاصة.
عقوبة الاختلاس في القطاع الخاص
حدد المنظم السعودي عقوبات رادعة لجريمة الاختلاس في القطاع الخاص، وتتسم هذه العقوبة بالمرونة حيث يمنح النظام القاضي سلطة تقديرية واسعة لتحديد العقوبة التعزيرية المناسبة التي تتلاءم مع جسامة الجريمة وظروفها.
-
لا يوجد نص نظامي يحدد عقوبة ثابتة وموحدة لجريمة الاختلاس في القطاع الخاص، بل تخضع للسلطة التقديرية للقاضي ناظر القضية، الذي يحدد العقوبة التعزيرية بناءً على حجم المبلغ المختلس، ومركز الموظف الوظيفي، والضرر الذي لحق بالشركة، وما إذا كانت هذه هي السابقة الأولى للمتهم.
-
قد تتراوح العقوبة بين السجن لعدة أشهر وتصل إلى سنوات في الحالات الجسيمة، خاصة إذا كان الاختلاس قد تم على مدى فترة طويلة، أو إذا كان المتهم يشغل منصباً قيادياً يتطلب درجة عالية من الثقة والأمانة.
-
بالإضافة إلى عقوبة السجن، يحكم القاضي عادة بغرامة مالية على الجاني، ويتم تقدير هذه الغرامة بما يتناسب مع حجم الجريمة، وتهدف إلى ردع الجاني مالياً وتحقيق الردع العام للمجتمع.
-
العنصر الأهم في الحكم هو إلزام الجاني برد كافة المبالغ التي قام باختلاسها إلى الشركة المجني عليها، ويعتبر هذا الإلزام جزءاً لا يتجزأ من الحكم، وهو يمثل الحق الخاص للشركة.
-
يحق للشركة المتضررة أيضاً المطالبة بالتعويض عن الأضرار الأخرى التي لحقت بها بسبب جريمة الاختلاس، مثل تكاليف المراجعة والتدقيق المالي التي تم إجراؤها لكشف الجريمة، أو الضرر الذي لحق بسمعة الشركة في السوق.
-
تشدد عقوبة الاختلاس في القطاع الخاص إذا اقترنت الجريمة بجرائم أخرى، مثل التزوير في المستندات والفواتير لإخفاء الاختلاس، أو جريمة غسيل الأموال للتصرف في المبالغ المختلسة، حيث يعاقب الجاني في هذه الحالة على كافة الجرائم التي ارتكبها.
-
في حال كان مرتكب جريمة الاختلاس وافداً مقيماً في المملكة، فإنه بالإضافة إلى عقوبة السجن والغرامة ورد المبالغ المختلسة، فإنه يواجه عقوبة الإبعاد عن البلاد بعد انتهاء مدة محكوميته، وتعتبر هذه الجريمة من الجرائم المخلة بالشرف والأمانة التي توجب الإبعاد.
تعريف الاختلاس
يُعرف الاختلاس بأنه قيام شخص ما، عادة ما يكون موظفاً، بالاستيلاء على أموال أو ممتلكات منقولة تعود لجهة أخرى، سواء كانت شركة أو فرداً، وكانت هذه الأموال قد سُلمت إليه بحكم وظيفته أو بسبب الثقة الممنوحة له، وذلك بنية تملكها وحرمان صاحبها الأصلي منها.
-
يتميز الاختلاس عن السرقة في أن المال المختلس يكون في حيازة الجاني حيازة ناقصة ومشروعة في البداية، فهو يستلم المال بحكم عمله (كأمين صندوق أو محاسب)، ثم يغير نيته من حيازة ناقصة إلى حيازة كاملة بنية التملك.
-
لا يقتصر الاختلاس على الأموال النقدية فقط، بل يمكن أن يشمل أي ممتلكات منقولة أخرى ذات قيمة، مثل البضائع في المستودعات، أو الأجهزة والمعدات، أو حتى الأصول غير الملموسة مثل البيانات والمعلومات ذات القيمة التجارية.
-
يشترط لوقوع الاختلاس أن يكون المال مملوكاً للغير، فلا يمكن للشخص أن يختلس مالاً يملكه، ويجب أن تكون ملكية المال للشركة أو صاحب العمل ثابتة وواضحة.
-
يعتبر القصد الجنائي عنصراً جوهرياً في تعريف الاختلاس، حيث يجب أن يثبت أن الجاني قد استولى على المال بنية تملكه بشكل دائم، وليس مجرد استخدامه مؤقتاً ثم إعادته.
-
يختلف الاختلاس عن مجرد الإهمال أو سوء الإدارة المالية، فالاختلاس هو فعل عمدي يتضمن نية جنائية مبيتة للاستيلاء على المال، بينما الإهمال قد ينتج عن قلة خبرة أو عدم كفاءة دون وجود نية للاستيلاء على الأموال.
أحكام البراءة في قضايا الاختلاس
على الرغم من خطورة جريمة الاختلاس، إلا أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، وهناك العديد من الحالات والظروف التي يمكن أن تؤدي إلى صدور حكم ببراءة المتهم من تهمة الاختلاس إذا تم تقديم الدفوع القانونية الصحيحة.
-
يمكن أن يصدر حكم البراءة إذا انتفى الركن المادي للجريمة، كأن يثبت الدفاع أن المتهم لم يستولِ على أي أموال، وأن العجز المالي الموجود في حسابات الشركة ناتج عن أخطاء محاسبية أو سوء في التسجيل وليس عن فعل استيلاء.
-
السبب الأكثر شيوعاً للبراءة هو انتفاء القصد الجنائي، حيث يمكن للدفاع أن يثبت أن المتهم لم تكن لديه نية تملك الأموال، كأن يكون قد أخذها على سبيل السلفة بعلم أحد المسؤولين، أو أنه تصرف في المال لمصلحة الشركة ولكن بطريقة خاطئة.
-
قد يحصل المتهم على البراءة إذا كانت الأدلة المقدمة من قبل الادعاء غير كافية أو يشوبها الشك والغموض، حيث أن الأحكام الجزائية تبنى على الجزم واليقين، والشك يفسر دائماً لمصلحة المتهم.
-
إذا تمكن الدفاع من إثبات أن المال الذي اتهم الموظف باختلاسه هو في الحقيقة مال مستحق له، كأن يكون عمولات أو مستحقات لم تدفعها له الشركة، فإن تهمة الاختلاس تنتفي عنه لأن المال يعود إليه في الأصل.
-
تلعب خبرة المحامي دوراً حاسماً في استنباط هذه الدفوع وتقديمها للمحكمة بشكل مقنع، فمحامٍ متخصص مثل فريق مكتب فيصل الحارثي للمحاماة يمكنه تفنيد تقارير المراجعة المالية وإظهار الثغرات فيها، مما قد يؤدي إلى براءة موكله.
-
إذا ثبت أن البلاغ المقدم ضد الموظف كان بلاغاً كيدياً، الهدف منه التخلص من الموظف أو حرمانه من مستحقاته، فإن المحكمة لا تحكم ببراءته فحسب، بل يحق للموظف أيضاً رفع دعوى تعويض عن الاتهام الكيدي الذي لحق به.
إثبات جريمة الاختلاس في النظام السعودي
تعتبر جريمة الاختلاس من الجرائم الخفية التي يحرص مرتكبها على عدم ترك أثر، ولذلك فإن إثباتها أمام القضاء يتطلب تقديم أدلة قوية ومترابطة لا تدع مجالاً للشك في ارتكاب المتهم للجريمة.
-
تعتبر تقارير المراجعة والتدقيق المالي التي يقوم بها محاسبون قانونيون معتمدون من أهم وسائل الإثبات، حيث توضح هذه التقارير وجود عجز مالي وتتبع حركة الأموال وتحدد المسؤول عن هذا العجز.
-
المستندات والسجلات المحاسبية للشركة، مثل الفواتير، وسندات القبض والصرف، وكشوفات الحسابات البنكية، تعتبر أدلة مادية هامة يمكن من خلالها إثبات وجود تلاعب أو تحويلات مالية غير مشروعة.
-
شهادة الشهود تلعب دوراً هاماً، كشهادة زملاء العمل الذين قد يكونون قد لاحظوا سلوكاً مريباً للمتهم، أو شهادة العملاء الذين قد يثبتون أنهم دفعوا مبالغ للمتهم لم يقم بتوريدها لخزينة الشركة.
-
إقرار المتهم هو سيد الأدلة، فإذا اعترف المتهم أمام جهات التحقيق أو المحكمة بارتكابه لجريمة الاختلاس، فإن هذا يعتبر دليلاً قاطعاً عليه، شريطة أن يكون الإقرار قد صدر منه طواعية دون إكراه.
-
يمكن الاستعانة بالخبرة الفنية، مثل خبراء الأدلة الجنائية الرقمية، لتحليل أجهزة الحاسوب الخاصة بالمتهم وتتبع حركة البريد الإلكتروني والبيانات التي قد تكشف عن عمليات التلاعب والاختلاس.
-
إن عبء إثبات جريمة الاختلاس يقع على عاتق جهة الادعاء (النيابة العامة والمدعي بالحق الخاص)، ويجب عليها تقديم الأدلة التي تثبت بما لا يدع مجالاً للشك قيام المتهم بارتكاب الجريمة بكافة أركانها.
نظام اختلاس المال العام
يختلف التعامل القانوني مع اختلاس المال العام عن اختلاس المال الخاص، حيث أولى المنظم السعودي حماية المال العام أهمية قصوى واعتبره من الجرائم الكبرى التي تمس أمن الدولة واقتصادها.
-
يُعرف المال العام بأنه كل مال مملوك للدولة أو لأحد أجهزتها أو هيئاتها العامة، ويعتبر الاعتداء عليه اعتداءً على المجتمع بأكمله.
-
يوجد نظام متخصص لمعاقبة جرائم الاعتداء على المال العام، وهو “النظام الجزائي للجرائم المخلة بالثقة العامة”، بالإضافة إلى أنظمة أخرى كنظام مكافحة الرشوة ونظام تأديب الموظفين.
-
تعتبر عقوبة الاختلاس في القطاع الخاص تعزيرية وتخضع لتقدير القاضي، بينما عقوبة اختلاس المال العام محددة بنصوص نظامية صارمة وتعتبر أشد قسوة.
-
يتولى ديوان المظالم (المحاكم الإدارية) النظر في قضايا اختلاس المال العام، بينما تتولى المحاكم الجزائية العامة النظر في قضايا اختلاس المال الخاص.
-
لا يسقط الحق العام في قضايا اختلاس المال العام بالتقادم، وتستمر الدولة في ملاحقة الجاني لاسترداد الأموال المختلسة حتى بعد مرور سنوات طويلة على ارتكاب الجريمة.
اختلاس أموال الشركة
يعتبر اختلاس أموال الشركة الصورة الأكثر شيوعاً لجريمة الاختلاس في القطاع الخاص، ويأخذ هذا الفعل أشكالاً وصوراً متعددة تهدف جميعها إلى الاستيلاء على أموال الشركة المملوكة للمساهمين أو الشركاء.
-
من أشهر صور اختلاس أموال الشركة قيام المحاسب أو أمين الصندوق بأخذ مبالغ نقدية من الخزينة بشكل مباشر وتسجيلها كمصروفات وهمية.
-
قد يتم الاختلاس عن طريق التلاعب بالفواتير، كأن يقوم الموظف بإصدار فواتير لعملاء وهميين وتحصيل قيمتها لحسابه الخاص، أو تضخيم قيمة فواتير المشتريات والاتفاق مع المورد على تقاسم الفارق.
-
تحويل الأموال من حسابات الشركة البنكية إلى حسابات شخصية خاصة بالموظف أو بأحد أقاربه هي صورة أخرى شائعة، وغالباً ما تقترن هذه الصورة بجريمة تزوير في أوامر التحويل البنكي.
-
اختلاس رواتب الموظفين الوهميين، حيث يقوم مسؤول الموارد البشرية بإنشاء سجلات لموظفين لا وجود لهم وصرف رواتبهم لصالحه، هي إحدى طرق الاختلاس المعقدة.
-
يجب على الشركات وضع أنظمة رقابة داخلية قوية، مثل الفصل بين المهام، والمراجعة الدورية والمفاجئة، وتحديد صلاحيات الموظفين المالية بشكل دقيق، وذلك للحد من فرص وقوع جريمة اختلاس أموال الشركة.
عقوبة الاختلاس في النظام السعودي
تتسم عقوبة الاختلاس في النظام السعودي بالصرامة، وتهدف إلى حماية الأموال وتحقيق العدالة، وتختلف العقوبة باختلاف نوع المال المختلس، سواء كان مالاً عاماً أو مالاً خاصاً، وبناءً على ظروف كل قضية.
-
كما ذكرنا، تعتبر عقوبة الاختلاس في القطاع الخاص عقوبة تعزيرية مرسلة، يترك تقديرها بالكامل للقاضي، مع التركيز على رد الحقوق لأصحابها وتعويضهم عن الأضرار.
-
في المقابل، فإن عقوبة اختلاس المال العام تكون أشد، حيث ينص النظام على عقوبات محددة تشمل السجن لمدد طويلة قد تصل إلى عشر سنوات أو أكثر، وغرامات مالية ضخمة.
-
يركز النظام القضائي السعودي على مبدأ إعادة الأموال المختلسة كأولوية قصوى، فلا يكفي سجن الجاني، بل يجب أن تعود الأموال إلى أصحابها الشرعيين، سواء كانوا أفراداً أو شركات أو الدولة.
-
تأخذ المحكمة في الاعتبار عند تحديد العقوبة شخصية الجاني، وسوابقه الجنائية، والظروف التي دفعته لارتكاب الجريمة، ومقدار تعاونه مع جهات التحقيق، وما إذا كان قد بادر بإعادة جزء من الأموال طواعية.
-
تهدف المنظومة العقابية في جرائم الاختلاس إلى تحقيق التوازن بين ردع المجرمين وحماية المجتمع، وبين إصلاح الجاني وإعطائه فرصة للعودة إلى الطريق الصحيح بعد قضاء عقوبته.
عقوبة اختلاس المال العام في السعودية
نظراً لخطورة جريمة اختلاس المال العام وتأثيرها المباشر على مصالح الدولة والمجتمع، فقد أفرد لها المنظم السعودي عقوبات مشددة في أنظمة متخصصة تهدف إلى حماية الأموال العامة من أي عبث أو اعتداء.
-
ينص النظام الجزائي الخاص بجرائم الوظيفة العامة على أن الموظف العام الذي يختلس أموالاً عامة سُلمت إليه بحكم وظيفته يعاقب بالسجن لمدة لا تتجاوز عشر سنوات، وبغرامة لا تزيد على مليون ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
-
تشدد العقوبة إذا كان الجاني من فئات معينة، مثل القضاة، أو موظفي المالية، أو رؤساء الوحدات، أو إذا ارتكبت الجريمة في زمن الحرب، حيث يمكن أن تصل العقوبة إلى السجن لمدة أطول.
-
لا تقتصر العقوبة على السجن والغرامة، بل تشمل أيضاً الفصل من الوظيفة العامة، والحرمان من تولي الوظائف العامة مستقبلاً، والتشهير بالجاني عن طريق نشر ملخص الحكم في الصحف المحلية على نفقته.
-
يلتزم الجاني برد قيمة المال الذي اختلسه، بالإضافة إلى رد قيمة أي منفعة حصل عليها من جراء جريمته، ويعتبر هذا الالتزام ديناً ممتازاً للدولة يتم تحصيله من كافة ممتلكات الجاني.
-
لا يوجد تساهل في تطبيق هذه العقوبات، وتتولى هيئة الرقابة ومكافحة الفساد (نزاهة) ملاحقة المتورطين في هذه الجرائم وتقديمهم للعدالة، مما يعكس الإرادة القوية للدولة في محاربة الفساد المالي والإداري.
نظام جرائم الاختلاس
لا يوجد في المملكة نظام واحد مستقل يسمى “نظام جرائم الاختلاس”، بل إن الأحكام المتعلقة بهذه الجريمة موزعة في عدة أنظمة وقوانين مختلفة بحسب طبيعة المال المعتدى عليه وصفة الجاني.
-
بالنسبة لاختلاس المال العام، فإن الأحكام الرئيسية توجد في “النظام الجزائي للجرائم المخلة بالثقة العامة” الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/79 وتاريخ 1442/9/15هـ، و”نظام مكافحة الرشوة”، وأنظمة أخرى تتعلق بالوظيفة العامة.
-
بالنسبة لجريمة عقوبة الاختلاس في القطاع الخاص، فإنها لا تخضع لنظام محدد، بل تدخل ضمن الجرائم التعزيرية التي يستمد القاضي أحكامها من مبادئ الشريعة الإسلامية العامة التي تحرم أكل أموال الناس بالباطل وخيانة الأمانة.
-
يمكن أن تطبق بعض نصوص نظام مكافحة الاحتيال المالي وخيانة الأمانة على بعض صور الاختلاس في القطاع الخاص، خاصة فيما يتعلق بجانب خيانة الأمانة.
-
إذا اقترن الاختلاس بجرائم أخرى، فإن أنظمة تلك الجرائم تطبق أيضاً، مثل “نظام مكافحة التزوير” و”نظام مكافحة غسل الأموال” و”نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية”.
-
هذا التوزيع للأحكام يتطلب خبرة قانونية واسعة من المحامي الموكل بالقضية، للإلمام بكافة الأنظمة ذات الصلة وتكييف القضية بشكل صحيح وتقديم الدفوع المناسبة بناءً على النظام الواجب التطبيق.
نظام الاختلاس هيئة الخبراء
تلعب هيئة الخبراء بمجلس الوزراء دوراً محورياً في دراسة وإعداد الأنظمة والقوانين في المملكة العربية السعودية، بما في ذلك الأنظمة التي تتعلق بالجرائم المالية مثل الاختلاس.
-
تقوم هيئة الخبراء بدراسة مشاريع الأنظمة التي تحال إليها من مجلس الوزراء، وتعمل على صياغتها بشكل قانوني دقيق يتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية والسياسة العامة للدولة والاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها المملكة.
-
عند دراسة الأنظمة المتعلقة بجرائم الاختلاس، تستعين هيئة الخبراء بآراء الجهات الحكومية ذات العلاقة، مثل وزارة العدل، ووزارة المالية، والنيابة العامة، وهيئة الرقابة ومكافحة الفساد، لضمان أن يكون النظام شاملاً وفعالاً.
-
تهدف الهيئة من خلال عملها إلى تطوير المنظومة التشريعية بشكل مستمر لمواكبة التطورات والمستجدات في أساليب ارتكاب الجرائم المالية، وسد أي ثغرات قد يستغلها المجرمون.
-
إن الأنظمة التي تصدر بعد دراستها من قبل هيئة الخبراء، مثل النظام الجزائي للجرائم المخلة بالثقة العامة، تتميز بالدقة والإحكام، وتوفر إطاراً قانونياً واضحاً للقضاة والمحامين للتعامل مع قضايا الاختلاس.
-
لا تتدخل هيئة الخبراء في القضايا الفردية أو تفسير الأحكام، فدورها تشريعي وتنظيمي بحت، بينما يعود تطبيق النظام وتفسيره إلى السلطة القضائية المختصة.
تعريف الاختلاس في النظام السعودي
لا يوجد تعريف موحد ومحدد لكلمة “اختلاس” في نص نظامي واحد، بل يُفهم التعريف من خلال مجموع النصوص المتفرقة في الأنظمة المختلفة ومن خلال السوابق القضائية التي استقرت في المحاكم السعودية.
-
يمكن تعريف الاختلاس في النظام السعودي بأنه “استيلاء الموظف، العام أو الخاص، على مال منقول مملوك للغير، سُلم إليه بسبب وظيفته، بنية تملكه وإضافته إلى ذمته المالية”.
-
يركز التعريف على ثلاثة عناصر أساسية: صفة الجاني (موظف مؤتمن)، وطبيعة الفعل (الاستيلاء وتحويل الحيازة الناقصة إلى كاملة)، والمحل المعتدى عليه (مال منقول مملوك للغير).
-
يميز الفقه القانوني السعودي بين الاختلاس وخيانة الأمانة، حيث أن الاختلاس هو صورة خاصة ومشددة من خيانة الأمانة، ترتبط بصفة الجاني كموظف وبأن المال قد سُلم إليه بسبب هذه الوظيفة تحديداً.
-
يركز القضاء عند تطبيق التعريف على إثبات “رابطة السببية” بين وظيفة المتهم وبين المال الذي استلمه، فإذا كان قد استلم المال لسبب شخصي لا علاقة له بوظيفته، فقد تعتبر الجريمة خيانة أمانة عادية وليست اختلاساً.
-
إن فهم التعريف الدقيق للجريمة وأركانها هو نقطة البداية لأي محامٍ يعمل على قضية اختلاس، سواء كان في جانب الدفاع أو الادعاء، لأن التكييف الصحيح للواقعة هو أساس نجاح القضية.
اختلاس المال العام في النظام السعودي
يعتبر اختلاس المال العام في النظام السعودي من الجرائم الخطيرة التي تنال من هيبة الدولة وثقة المواطنين في أجهزتها، ويتعامل معها النظام بحزم لا مثيل له.
-
يشمل مفهوم المال العام في النظام السعودي الأموال النقدية والعينية المملوكة للدولة، والأموال المملوكة للشركات التي تساهم فيها الدولة بنسبة معينة، وأموال الهيئات والمؤسسات العامة.
-
تتميز إجراءات التحقيق والمحاكمة في قضايا اختلاس المال العام بالسرعة والصرامة، وتتولاها دوائر متخصصة في النيابة العامة والمحاكم الإدارية لديها خبرة في التعامل مع هذه النوعية من القضايا.
-
لا يجوز التصالح أو التنازل في قضايا اختلاس المال العام، فالحق العام فيها لا يسقط أبداً، ويتم ملاحقة الجاني واسترداد الأموال منه بكافة الطرق النظامية المتاحة.
-
يعتبر عبء الإثبات في هذه القضايا قوياً، حيث أن الأجهزة الرقابية للدولة، مثل ديوان المحاسبة وهيئة الرقابة ومكافحة الفساد، تقدم تقارير مفصلة ومدعمة بالمستندات التي تدين المتهم بشكل كبير.
-
إن تطبيق عقوبات مشددة في قضايا اختلاس المال العام يرسل رسالة واضحة لكل من تسول له نفسه المساس بمقدرات الدولة بأن يد العدالة ستطاله لا محالة.
اختلاس المال الخاص في النظام السعودي
يشير مصطلح اختلاس المال الخاص إلى كافة جرائم الاختلاس التي تقع خارج نطاق الوظيفة العامة، وتشمل بشكل أساسي الأموال المملوكة للشركات والمؤسسات والأفراد في القطاع الخاص.
-
على الرغم من أن عقوبة الاختلاس في القطاع الخاص أقل تشدداً من عقوبة اختلاس المال العام، إلا أنها لا تزال جريمة خطيرة تؤثر على الاقتصاد وتزعزع الثقة في التعاملات التجارية.
-
يقع عبء إثبات الجريمة بشكل أساسي على عاتق المدعي بالحق الخاص (الشركة أو الفرد المتضرر)، الذي يجب عليه تقديم الأدلة والمستندات التي تثبت وقوع الاختلاس وتحدد حجم الضرر.
-
يلعب الحق الخاص دوراً كبيراً في هذه القضايا، حيث يمكن للمجني عليه أن يتصالح مع الجاني وأن يتنازل عن حقه في المطالبة، وهو ما قد يؤثر على العقوبة التعزيرية التي يفرضها القاضي كحق عام.
-
يواجه أصحاب العمل في القطاع الخاص تحديات في إثبات الجريمة، خاصة في المنشآت الصغيرة التي قد لا تمتلك أنظمة محاسبية ورقابية دقيقة، وهنا تبرز أهمية الاستعانة بمحامٍ متخصص لمساعدتهم في بناء قضيتهم بشكل سليم.
-
إن حماية المال الخاص لا تقل أهمية عن حماية المال العام، لأنها تشجع على الاستثمار وتوفر بيئة عمل آمنة وموثوقة، وهو ما يسعى النظام السعودي إلى تحقيقه من خلال تجريم هذه الأفعال.
كيف يتم التصالح في قضايا الاختلاس في السعودية؟
يفتح النظام السعودي الباب للتصالح والتسوية في قضايا الاختلاس التي تتعلق بالمال الخاص، وذلك في إطار تشجيع حل النزاعات ودياً وإعادة الحقوق لأصحابها بأسرع وقت ممكن، ولكن هذا التصالح يخضع لضوابط معينة.
-
يتم التصالح عادة من خلال اتفاق مكتوب بين الجاني (المتهم) والمجني عليه (الشركة أو صاحب العمل)، يتعهد فيه الجاني بإعادة كافة المبالغ التي قام باختلاسها، بالإضافة إلى أي تعويضات يتفق عليها الطرفان.
-
في مقابل إعادة الأموال، يقوم المجني عليه بالتنازل عن حقه الخاص في القضية، ويقدم هذا التنازل الموثق إلى المحكمة أو جهة التحقيق، وهذا يعتبر دليلاً على انتهاء النزاع بين الطرفين.
-
إن تنازل المجني عليه عن حقه الخاص لا يسقط الحق العام للدولة بشكل تلقائي، فجريمة الاختلاس هي أيضاً جريمة ضد المجتمع، ولكن هذا التنازل يعتبر سبباً قوياً جداً لتخفيف العقوبة التعزيرية التي سيحكم بها القاضي.
-
قد يكتفي القاضي، بعد الاطلاع على تنازل المجني عليه وإعادة كامل المبلغ، بأخذ تعهد مشدد على الجاني أو فرض غرامة مالية رمزية، وقد يقرر عدم سجنه، خاصة إذا كانت هذه هي السابقة الأولى له.
-
يجب أن يتم التصالح بإشراف محامين متخصصين لضمان صياغة اتفاقية التسوية بشكل قانوني سليم يحفظ حقوق جميع الأطراف، ويضمن أن يكون التنازل صحيحاً ومنتجاً لآثاره أمام القضاء، وهنا يأتي دور مكتب فيصل الحارثي للمحاماة في تسهيل وإتمام هذه التسويات.
أموالك في خطر؟ لا تتهاون في حقك، ومكتب فيصل الحارثي للمحاماة هو خيارك الأمثل
إن قضايا الاختلاس، سواء كنت شركة تسعى لاسترداد أموالها أو موظفاً يواجه اتهاماً قد يدمر مستقبله، هي من أكثر القضايا تعقيداً وتشعباً، وتتطلب مزيجاً من الخبرة القانونية العميقة والفهم الدقيق للأنظمة المحاسبية والمالية. إن أي خطوة غير مدروسة في هذه القضايا قد تكلفك الكثير، وقد تؤدي إلى ضياع حقوق لا يمكن تعويضها.
في مكتب فيصل الحارثي للمحاماة، نضع بين يديك سنوات من الخبرة والتخصص في التعامل مع قضايا الاختلاس وخيانة الأمانة والجرائم المالية في القطاع الخاص. يضم مكتبنا فريقاً من المحامين والمستشارين القادرين على تحليل قضيتك بدقة، وتقديم الاستشارة القانونية الصائبة، وتمثيلك أمام كافة الجهات الأمنية والقضائية بكل كفاءة واقتدار. سواء كنت بحاجة إلى بناء قضية قوية لإثبات الاختلاس واسترداد أموالك، أو كنت بحاجة إلى دفاع قانوني متين لتفنيد الاتهامات الموجهة إليك، فإننا نمتلك المعرفة والأدوات اللازمة لتحقيق أفضل النتائج الممكنة.
لا تدع الوقت يمر وتتعقد الأمور. اتصل بنا اليوم على الرقم +966 54 124 4411 لحجز استشارتك الأولية. دعنا في مكتب فيصل الحارثي للمحاماة نكون شريكك القانوني الموثوق، ونحمل عنك عبء هذه القضية المعقدة، ونعمل بكل جد وإخلاص لحماية مصالحك وتحقيق العدالة لك.