عقوبة التحرش بدون دليل

عقوبة التحرش بدون دليل

عقوبة التحرش بدون دليل


تعتبر جريمة التحرش من أبشع الجرائم التي تهدد أمن المجتمع وسلامة أفراده، فهي اعتداء سافر على كرامة الإنسان وحرمة جسده وخصوصيته. وقد أولى المنظم السعودي اهتمامًا بالغًا بمكافحة هذه الظاهرة الدخيلة، وسن “نظام مكافحة جريمة التحرش” ليكون سدًا منيعًا في وجه كل من تسول له نفسه المساس بالآخرين. ولكن، تبقى هناك معضلة قانونية تؤرق الكثير من الضحايا والمتهمين على حد سواء، وهي مسألة الإثبات، فماذا لو وقع التحرش في الخفاء؟ وما هي عقوبة التحرش بدون دليل مادي واضح؟

كثيرًا ما يعتقد الضحايا أن حقهم قد ضاع لعدم وجود شاهد أو تسجيل، بينما قد يجد شخص بريء نفسه متهمًا في قضية لا يملك دليلًا ماديًا على براءته. هنا يبرز دور القانون والمحامي الخبير في كشف الحقيقة وإظهارها. إن فهم كيفية تعامل النظام السعودي مع قضايا التحرش التي تفتقر إلى الأدلة المباشرة، ومعرفة طرق الإثبات البديلة والقرائن، هو أمر حاسم لكل من الطرفين. يهدف هذا المقال، المقدم من مكتب فيصل الحارثي للمحاماة، إلى إزالة الغموض الذي يكتنف هذا الموضوع الحساس، وتوضيح كيفية بناء قضية متماسكة، سواء للدفاع أو للادعاء، وبيان الإجراءات القانونية الصحيحة التي تضمن تحقيق العدالة.

💬 اطلب استشارة مجانية

ما هي جريمة التحرش؟

قبل الخوض في تفاصيل الإثبات والعقوبة، لا بد من تأسيس فهم قانوني واضح لماهية جريمة التحرش كما عرفها النظام السعودي. إن تعريف جريمة التحرش بدقة هو حجر الزاوية الذي يبنى عليه التكييف القانوني الصحيح للواقعة، وتحديد ما إذا كانت تدخل ضمن نطاق تطبيق نظام مكافحة جريمة التحرش أم لا.

  • عرف نظام مكافحة جريمة التحرش في مادته الأولى التحرش بأنه: “كل قول أو فعل أو إشارة، ذات مدلول جنسي، تصدر من شخص تجاه أي شخص آخر، تمس جسده أو عرضه، أو تخدش حياءه، بأي وسيلة كانت، بما في ذلك وسائل التقنية الحديثة”.
  • يتضح من التعريف أن التحرش لا يقتصر على اللمس أو الاعتداء الجسدي، بل يشمل أيضًا الأقوال (مثل التعليقات الجنسية أو الغزل غير المرغوب فيه)، والإشارات (مثل الحركات ذات الإيحاء الجنسي باليد أو العين).
  • شدد التعريف على عبارة “ذات مدلول جنسي” وهذا هو المعيار الأساسي للتفريق بين التحرش وبين أي مضايقات أو سلوكيات أخرى غير لائقة ولكنها لا تحمل هذا المدلول.
  • يتسع نطاق التجريم ليشمل أي وسيلة تستخدم في ارتكاب الجريمة، سواء كانت بشكل مباشر وجهًا لوجه، أو عبر وسائل التقنية الحديثة مثل الرسائل النصية، أو تطبيقات التواصل الاجتماعي (واتساب، سناب شات، تويتر)، أو البريد الإلكتروني.
  • لم يحدد النظام مكانًا معينًا لوقوع الجريمة، فهي يمكن أن تقع في أي مكان سواء كان عامًا (كالشارع أو السوق أو الحدائق)، أو خاصًا (كمكان العمل، أو المؤسسات التعليمية، أو حتى داخل المنزل).
  • القصد من وراء هذا التعريف الواسع هو إغلاق كافة الثغرات التي قد يستغلها المتحرش للإفلات من العقاب، وتوفير أقصى حماية ممكنة للضحية، والتأكيد على أن جسد الإنسان وعرضه وحياءه مصانة بموجب النظام.
  • إن الفهم الدقيق لهذا التعريف يساعد الضحية على تحديد ما إذا كان الفعل الذي تعرضت له يعتبر تحرشًا مجرّمًا، كما يساعد المتهم على بناء دفاعه إذا كان الفعل المنسوب إليه لا ينطبق عليه هذا الوصف القانوني.

عقوبة التحرش بدون دليل

تعتبر مسألة عقوبة التحرش بدون دليل من أكثر المسائل القانونية تعقيدًا وإثارة للجدل، حيث يخشى الضحية من ضياع حقه، ويخشى المتهم من الإدانة الظالمة. من المهم التأكيد على أن مصطلح “بدون دليل” لا يعني بالضرورة البراءة الحتمية، فالقضاء الجنائي السعودي لا يعتمد فقط على الأدلة المادية المباشرة، بل يأخذ بنظام الإثبات الحر الذي يعطي للقاضي سلطة واسعة في تقدير الأدلة والقرائن.

  • لا يوجد في النظام ما ينص على عدم وجود عقوبة في حال عدم وجود دليل مادي، فالعبرة هي باقتناع القاضي بثبوت الواقعة من عدمها بناءً على ما يقدم له في ملف القضية.
  • إن عبارة “بدون دليل” غالبًا ما يقصد بها غياب الدليل القاطع مثل التصوير بالفيديو أو شهادة الشهود المباشرين، ولكن هذا لا ينفي وجود أدلة أخرى يمكن الاعتماد عليها.
  • يعتمد القضاء في مثل هذه الحالات على قوة القرائن، والقرينة هي استنباط أمر مجهول من أمر معلوم. ومجموعة القرائن المتوافقة والمتساندة قد تكون دليلًا كافيًا لإصدار حكم بالإدانة.
  • من أمثلة القرائن التي يمكن أن تدعم موقف الضحية: وجود رسائل نصية سابقة من المتحرش، وجود بلاغات سابقة ضده من ضحايا أخريات، تناقض أقوال المتهم في التحقيقات، محاولته الهرب عند وقوع الحادثة، أو ظهوره في كاميرات المراقبة في محيط مكان الحادث وفي نفس التوقيت.
  • شهادة الضحية نفسها تعتبر عنصرًا هامًا في الإثبات، فإذا كانت أقوالها متماسكة ومنطقية وخالية من التناقض في جميع مراحل التحقيق والمحاكمة، فإن القاضي يميل إلى الاطمئنان إليها.
  • يقع على عاتق جهات التحقيق (الشرطة والنيابة العامة) عبء البحث عن الأدلة والقرائن وتجميعها لتقديم لائحة اتهام قوية ضد المتهم.
  • في المقابل، إذا كانت القضية خالية تمامًا من أي دليل أو قرينة، واعتمدت فقط على اتهام مرسل من الضحية مع إنكار تام من المتهم، فإن القاعدة الشرعية “الأصل براءة الذمة” هي التي تسود، ويميل القضاء إلى الحكم ببراءة المتهم درءًا للشبهات.
  • إن التعامل مع قضية تحرش بدون دليل مادي يتطلب خبرة وحنكة من المحامي، سواء في استنباط القرائن لدعم الضحية، أو في تفنيدها وتفكيكها للدفاع عن المتهم، وهو ما يبرع فيه فريق مكتب فيصل الحارثي للمحاماة.

أركان جريمة التحرش

لكي تكتمل أي جريمة من الناحية القانونية وتستوجب العقاب، لا بد من توافر مجموعة من الأركان التي تمثل قوامها. وفي جريمة التحرش، كما في غيرها من الجرائم، يجب توافر ركنين أساسيين: الركن المادي والركن المعنوي، بالإضافة إلى الركن الشرعي (النظامي).

  • الركن الشرعي (النظامي): ويقصد به وجود نص قانوني يجرم الفعل ويحدد له عقوبة. وفي حالة التحرش، يتمثل هذا الركن في “نظام مكافحة جريمة التحرش” الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/96) وتاريخ 1439/9/16هـ. فلا جريمة ولا عقوبة إلا بنص.
  • الركن المادي: هو السلوك الملموس الذي قام به الجاني والذي يشكل الجريمة. ويتكون هذا الركن من ثلاثة عناصر:
    • الفعل: وهو أي قول أو فعل أو إشارة يقوم بها الجاني، مثل لمس جسد الضحية، أو توجيه عبارات جنسية، أو إرسال صور إباحية.
    • النتيجة: وهي الأثر المترتب على فعل الجاني، والمتمثل في المساس بجسد الضحية أو عرضه أو خدش حيائها.
    • علاقة السببية: وهي أن تكون النتيجة (المساس بالجسد أو العرض) قد حدثت كنتيجة مباشرة لفعل الجاني، أي أن فعل الجاني هو الذي أدى إلى وقوع الضرر.
  • الركن المعنوي (القصد الجنائي): هو نية الجاني واتجاه إرادته لارتكاب الجريمة. ويتكون هذا الركن من عنصرين:
    • العلم: وهو أن يكون الجاني عالمًا بأن الفعل أو القول أو الإشارة التي تصدر منه تحمل مدلولًا جنسيًا، وأنها تمس بكرامة وشرف وحياء الطرف الآخر.
    • الإرادة: وهي أن تتجه إرادة الجاني الحرة والواعية إلى ارتكاب هذا الفعل وتحقيق نتيجته. فلا يكفي العلم بل يجب أن يريد تحقيق الفعل.
  • يجب على النيابة العامة أن تثبت توافر جميع هذه الأركان في حق المتهم، وإذا انتفى أي ركن منها فإن التهمة تسقط ولا يمكن إدانة الشخص.
  • على سبيل المثال، إذا قام شخص بلمس آخر عن طريق الخطأ في مكان مزدحم، فإن الركن المعنوي (القصد الجنائي) ينتفي، وبالتالي لا تعتبر الواقعة تحرشًا.
  • كذلك، إذا كانت الكلمات الموجهة لا تحمل أي مدلول جنسي، فإنها قد تشكل جريمة أخرى (مثل السب أو الشتم) ولكنها لا تعتبر تحرشًا لانتفاء أحد عناصر الركن المادي.

قضية تحرش بدون دليل

إن التعامل مع قضية تحرش بدون دليل مباشر يضع جميع أطراف الدعوى، من محققين وقضاة ومحامين، أمام تحدٍ كبير يتطلب الدقة والحرص الشديد. فالهدف الأسمى هو تحقيق العدالة دون إفراط أو تفريط، فلا يضيع حق الضحية ولا يُظلم شخص بريء.

  • تتميز قضية تحرش بدون دليل بأنها تعتمد بشكل كبير على “قناعة القاضي الوجدانية”، أي ما يطمئن إليه ضميره ويرتاح له وجدانه من خلال وقائع الدعوى وظروفها.
  • تلعب خبرة المحقق في النيابة العامة دورًا محوريًا في هذه القضايا، حيث يقوم باستجواب الطرفين بشكل مفصل ومحاولة كشف أي تناقض في أقوالهما، واستجواب أي شهود محتملين.
  • يتم التركيز بشكل كبير على سلوك المتهم بعد وقوع الحادثة، فمحاولته الهرب، أو إغلاق هاتفه، أو تقديم مبررات غير منطقية، كلها تعتبر قرائن ضده.
  • كما يتم تحليل شخصية وسلوك الضحية، فإذا كانت معروفة بالصدق وليس لها أي عداوات سابقة مع المتهم، فإن شهادتها تكتسب وزنًا أكبر لدى المحكمة.
  • في بعض الحالات، قد تلجأ جهات التحقيق إلى الاستعانة بالخبراء النفسيين لتحليل سلوك وأقوال الطرفين وتقديم تقرير يساعد في كشف الحقيقة.
  • من المهم جدًا للضحية في مثل هذه القضايا أن تتقدم بالبلاغ في أسرع وقت ممكن، لأن مرور الوقت يضعف من قوة أقوالها وقد يفسر على أنه تردد أو عدم جدية.
  • إن عقوبة التحرش بدون دليل مباشر ليست مستحيلة، ولكنها تتطلب بناء ملف قضية يعتمد على سلسلة من القرائن القوية والمتماسكة التي تؤدي بمجملها إلى حقيقة واحدة، وهي وقوع الجريمة من المتهم.
  • في المقابل، يقوم محامي الدفاع بتفكيك هذه القرائن وإثارة الشكوك حولها، وإبراز أي دافع خفي قد يكون لدى الضحية لتقديم بلاغ كيدي، بهدف الوصول إلى براءة موكله.

الدفاع في قضايا التحرش

كما كفل النظام الحق للضحية في الشكوى، فقد كفل أيضًا للمتهم الحق في الدفاع عن نفسه واستخدام كافة الوسائل المشروعة لإثبات براءته. ويقوم الدفاع في قضايا التحرش على عدة محاور استراتيجية تهدف إلى زعزعة أركان الاتهام وإثارة الشكوك المنطقية لدى القاضي.

  • الدفع بانتفاء الركن المادي: يمكن للمحامي الدفع بأن الفعل المادي المنسوب للمتهم لم يقع أصلًا، أو أنه وقع عن طريق الخطأ ولم يكن مقصودًا، أو أن الوصف الذي قدمته الضحية لا ينطبق على موكله.
  • الدفع بانتفاء الركن المعنوي: يعتبر هذا من أهم الدفوع، حيث يتم التركيز على إثبات عدم وجود “القصد الجنائي” لدى المتهم، كأن يثبت أن الكلمة التي قالها لا تحمل مدلولًا جنسيًا في سياقها، أو أن اللمسة كانت عفوية في مكان مزدحم.
  • الدفع بكيدية الاتهام: وهو الدفع بوجود دافع خفي لدى الشاكي لتقديم البلاغ، مثل وجود خلافات سابقة (مالية أو عائلية أو في العمل)، أو رغبة في الانتقام أو الابتزاز. ويتم إثبات ذلك بتقديم أدلة على وجود هذه الخلافات.
  • التشكيك في أقوال شهود الإثبات: إذا كان هناك شهود، يقوم محامي الدفاع باستجوابهم ومحاولة إظهار أي تناقض في شهاداتهم، أو إثبات وجود مصلحة لهم في الشهادة ضد المتهم.
  • إبراز الأدلة التي تنفي التهمة (أدلة النفي): يقوم المحامي بتقديم أي دليل يثبت براءة موكله، مثل إثبات تواجده في مكان آخر وقت وقوع الجريمة المزعومة (بشهادة الشهود أو فواتير أو تسجيلات كاميرات)، أو تقديم رسائل تظهر طبيعة العلاقة السابقة بين الطرفين وأنها كانت رضائية.
  • التمسك بالأصل وهو براءة المتهم: يظل المحامي متمسكًا دائمًا بأن الأصل في الإنسان البراءة، وأن الشك يفسر دائمًا لمصلحة المتهم، وأن على النيابة العامة عبء تقديم الدليل القاطع والجازم الذي لا يتطرق إليه الشك لإثبات الإدانة.
  • يتطلب الدفاع في هذه القضايا الحساسة محاميًا يمتلك خبرة واسعة في المرافعات الجزائية، وقدرة على تحليل الأدلة واستجواب الشهود بذكاء، وهو ما يتوفر لدى فريق مكتب فيصل الحارثي للمحاماة.

عقوبة التحرش عن طريق الجوال

مع التطور التقني الهائل، أصبح الجوال وغيره من وسائل التقنية الحديثة أداة سهلة لارتكاب جريمة التحرش، وقد تنبه المنظم السعودي لهذه الخطورة وأفرد لها نصوصًا واضحة في نظام مكافحة التحرش.

  • نص التعريف الوارد في المادة الأولى من النظام صراحة على أن التحرش يمكن أن يقع “بأي وسيلة كانت، بما في ذلك وسائل التقنية الحديثة”، وهذا يشمل بشكل مباشر الجوال.
  • يأخذ التحرش عن طريق الجوال عدة أشكال، منها: إرسال رسائل نصية أو عبر تطبيقات المحادثة (واتساب، تيليجرام) تحتوي على عبارات أو إيحاءات جنسية.
  • كما يشمل إرسال صور أو مقاطع فيديو ذات طبيعة إباحية أو خادشة للحياء إلى الضحية دون رضاها.
  • يعتبر أيضًا من قبيل التحرش إجراء مكالمات هاتفية متكررة في أوقات غير مناسبة والتلفظ فيها بعبارات جنسية.
  • الإثبات في هذه الحالة يكون أسهل نسبيًا من التحرش المباشر، حيث أن الرسائل والصور والمكالمات المسجلة تعتبر دليلًا ماديًا قويًا يمكن تقديمه للجهات المختصة.
  • العقوبة المطبقة هي نفس العقوبات المنصوص عليها في نظام مكافحة التحرش، والتي قد تصل إلى السجن لمدة سنتين وغرامة مائة ألف ريال، وتشدد في حالات معينة.
  • يجب على الضحية في هذه الحالة عدم حذف الرسائل أو سجل المكالمات، بل الاحتفاظ بها وتوثيقها بأخذ لقطات شاشة واضحة، وتقديمها كدليل عند رفع الشكوى.
  • حتى لو استخدم الجاني رقمًا مجهولًا أو حسابًا وهميًا، فإن الجهات الأمنية المختصة لديها القدرة التقنية على تتبع المصدر والوصول إلى هوية الفاعل.

قضايا التحرش الكيدية

كما أن هناك ضحايا حقيقيين للتحرش، يوجد للأسف من يستغل هذا النظام لأغراض كيدية بهدف الانتقام أو تشويه السمعة أو الابتزاز. وقد أدرك المنظم السعودي خطورة هذه الادعاءات الكاذبة ووضع لها عقوبة رادعة.

  • تعرف الدعوى الكيدية بأنها الادعاء كذبًا على شخص بارتكاب جريمة التحرش مع العلم ببراءته، وذلك بقصد الإضرار به.
  • نصت المادة السابعة من نظام مكافحة جريمة التحرش على أنه: “يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز سنتين وبغرامة مالية لا تزيد على مائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ كل من قدم بلاغًا كيديًا عن جريمة تحرش”.
  • تهدف هذه المادة إلى حماية الأبرياء من الاتهامات الباطلة، وتحقيق توازن يضمن عدم إساءة استخدام الحق في الشكوى.
  • لإثبات كيدية الادعاء، يجب على المتهم (الذي أصبح ضحية الادعاء الكيدي) أن يثبت أن الشاكي كان يعلم علم اليقين ببراءته ورغم ذلك تقدم بالشكوى بنية الإضرار.
  • يمكن إثبات ذلك من خلال وجود رسائل تهديد سابقة من الشاكي، أو شهادة شهود على أن الشاكي كان يخطط للانتقام، أو وجود دافع قوي للكيد مثل خلافات مالية أو عملية.
  • بعد صدور حكم نهائي ببراءة المتهم من تهمة التحرش، يحق له رفع دعوى جديدة ضد الشاكي الأول يطالبه فيها بتطبيق عقوبة البلاغ الكيدي والتعويض عن الأضرار التي لحقت به.
  • إن وجود هذه العقوبة الرادعة يجعل أي شخص يفكر ألف مرة قبل أن يقدم على اتهام شخص آخر ظلمًا بجريمة التحرش.
  • يتولى مكتبنا في مكتب فيصل الحارثي للمحاماة قضايا الدفاع عن المتهمين بالتحرش، وفي حال ثبتت براءة الموكل وأن الادعاء كان كيديًا، فإننا نقوم بمباشرة دعوى البلاغ الكيدي للحصول على حق موكلنا كاملًا.

كيف تثبت جريمة التحرش

يعتبر الإثبات هو العمود الفقري لأي قضية جنائية، وقضايا التحرش لا تختلف عن ذلك. وتعتمد طرق إثبات الجريمة على ظروف كل واقعة والأدلة المتاحة فيها، ويمكن إثباتها بكافة طرق الإثبات المعتبرة شرعًا ونظامًا.

  • الأدلة المادية المباشرة: وهي أقوى أنواع الأدلة، وتشمل تسجيلات كاميرات المراقبة التي تظهر الواقعة بوضوح، أو وجود صور أو مقاطع فيديو التقطها الضحية أو أي شخص آخر للجريمة وقت وقوعها.
  • الرسائل والمحادثات: في حالة التحرش الإلكتروني، تعتبر الرسائل النصية، ومحادثات الواتساب، ورسائل البريد الإلكتروني، والتعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي، دليلًا ماديًا مباشرًا على الجريمة.
  • شهادة الشهود: تعتبر شهادة الشهود الذين رأوا أو سمعوا واقعة التحرش دليلًا قويًا تعتمد عليه المحكمة، ويشترط في الشاهد أن يكون عدلًا وأن تكون شهادته خالية من التناقض.
  • إقرار المتهم: يعتبر اعتراف المتهم بارتكاب الجريمة سيد الأدلة، ويجب أن يكون هذا الإقرار صريحًا وواضحًا وصادرًا عن إرادة حرة دون إكراه.
  • القرائن القوية: في غياب الأدلة المباشرة، تلعب القرائن دورًا هامًا، ومنها:
    • تناقض أقوال المتهم: إذا كانت أقوال المتهم متناقضة ومضطربة في مراحل التحقيق المختلفة، فإن ذلك يعتبر قرينة ضده.
    • وجود سوابق للمتهم: إذا كان للمتهم سوابق في جرائم مماثلة، فإن ذلك يعزز من قوة الاتهام الموجه إليه.
    • محاولة الهرب أو التخلص من الأدلة: أي سلوك يصدر من المتهم بعد الواقعة يوحي بالخوف أو محاولة طمس الحقيقة يعتبر قرينة ضده.
    • شهادة الضحية المتماسكة: كما ذكرنا، فإن شهادة الضحية إذا كانت متماسكة ومنطقية وخالية من التناقض، فإنها تعتبر قرينة قوية يعول عليها القاضي.
  • اليمين: في بعض الحالات التي تنعدم فيها الأدلة تمامًا، قد يلجأ القاضي إلى عرض اليمين على المتهم بأن ينكر ارتكاب الفعل، وذلك وفق ضوابط شرعية محددة.

المادة 6 من نظام مكافحة التحرش

تعتبر المادة السادسة من نظام مكافحة جريمة التحرش هي المادة التي تحدد العقوبات الأساسية لهذه الجريمة، وتوضح الحالات التي يتم فيها تشديد العقوبة، مما يعكس حرص المنظم على توفير حماية أكبر لفئات معينة أو في ظروف محددة.

  • تنص الفقرة الأولى من المادة السادسة على العقوبة العامة لجريمة التحرش وهي: “يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز سنتين، وبغرامة مالية لا تزيد على مائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين؛ كل من ارتكب جريمة تحرش”.
  • تحدد الفقرة الثانية من نفس المادة حالات محددة يتم فيها تشديد العقوبة، لتصل إلى السجن لمدة لا تتجاوز خمس سنوات، وبغرامة مالية لا تزيد على ثلاثمائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
  • حالات تشديد العقوبة هي كالتالي:
    • إذا كان المجني عليه طفلًا: وذلك لتوفير حماية خاصة للأطفال الذين لا يملكون القدرة على الدفاع عن أنفسهم.
    • إذا كان المجني عليه من ذوي الاحتياجات الخاصة: لنفس السبب السابق، ولأن هذه الفئة تعتبر أكثر عرضة للاستغلال.
    • إذا كان الجاني له سلطة مباشرة أو غير مباشرة على المجني عليه: مثل علاقة المدير بالموظف، أو المعلم بالطالب، حيث يستغل الجاني سلطته لارتكاب الجريمة.
    • إذا وقعت الجريمة في مكان عمل أو دراسة أو إيواء أو رعاية: لأن هذه الأماكن يفترض أن تكون بيئات آمنة.
    • إذا كان الجاني والمجني عليه من جنس واحد: لمواجهة جميع أشكال الانحرافات السلوكية.
    • إذا كان المجني عليه نائمًا أو فاقدًا للوعي أو في حكم ذلك: لاستغلال الجاني حالة ضعف الضحية وعدم قدرتها على المقاومة.
    • إذا وقعت الجريمة في وقت أزمات أو كوارث أو حوادث: لاستغلال الجاني حالة الفوضى والارتباك العام.
  • تهدف هذه المادة إلى تحقيق الردع العام والخاص، وإرسال رسالة واضحة بأن النظام لن يتهاون مع أي شخص يستغل ضعف الآخرين أو ظروفهم لارتكاب هذه الجريمة الشنيعة.

ما هي الأدلة المطلوبة لإثبات قضايا التحرش بالسعودية؟

إن منظومة الإثبات في القضاء السعودي مرنة وتعتمد على مبدأ الإثبات الحر، مما يعني أنه يمكن إثبات جريمة التحرش بكافة طرق الإثبات التي تؤدي إلى تكوين قناعة لدى القاضي بوقوع الجريمة. ولا تقتصر الأدلة على نوع معين، بل تشمل كل ما يمكن أن يوصل إلى الحقيقة.

  • الأدلة الكتابية: وتعتبر من أقوى الأدلة، وتشمل الرسائل النصية، ورسائل تطبيقات التواصل الاجتماعي (واتساب، سناب شات، ماسنجر)، ورسائل البريد الإلكتروني، والمستندات التي تحتوي على تهديد أو ابتزاز أو عبارات تحرش.
  • الأدلة الرقمية: وتشمل تسجيلات الفيديو من كاميرات المراقبة، أو مقاطع الفيديو والصور الملتقطة بهاتف الضحية أو أي شخص آخر، والتسجيلات الصوتية للمكالمات (مع مراعاة ضوابط قبولها كدليل).
  • شهادة الشهود: وهي شهادة من رأى أو سمع واقعة التحرش بشكل مباشر، وتعتبر دليلًا قويًا إذا صدرت من شهود عدول ومحايدين.
  • الإقرار والاعتراف: وهو إقرار المتهم الصريح بارتكابه للفعل، ويعتبر سيد الأدلة إذا صدر طواعية واختيارًا.
  • القرائن: وهي استنتاج وقائع مجهولة من وقائع معلومة، ولها دور كبير في القضايا التي تفتقر للأدلة المباشرة. ومن أمثلتها:
    • قرينة وجود علاقة سلطة: كعلاقة المدير بالموظفة، مما يسهل وقوع التحرش.
    • قرينة السوابق الجرمية: وجود سوابق للمتهم في جرائم مماثلة.
    • قرينة الاضطراب والتناقض: ظهور علامات الاضطراب والتناقض في أقوال المتهم أثناء التحقيق.
    • قرينة الهرب: محاولة المتهم الفرار من مكان الحادث.
  • الخبرة الفنية: يمكن اللجوء إلى تقارير الخبراء، مثل تقرير خبير الأدلة الرقمية لتحليل هاتف المتهم، أو تقرير الطبيب الشرعي في حالات التحرش الجسدي لإثبات وجود أي إصابات.
  • المعاينة: وهي انتقال المحقق أو القاضي إلى مكان وقوع الجريمة لمعاينته والبحث عن أي آثار مادية قد تفيد في كشف الحقيقة.

شروط ثبوت التحرش

لكي تثبت جريمة التحرش أمام القضاء ويصدر حكم بالإدانة، يجب أن تتوافر مجموعة من الشروط الموضوعية والإجرائية التي تضمن سلامة الحكم وعدالته، وتؤكد أن الإدانة بنيت على يقين وليس على شك أو تخمين.

  • توافر الأركان الكاملة للجريمة: يجب أن تثبت النيابة العامة بشكل قاطع توافر الركن المادي (الفعل والنتيجة وعلاقة السببية) والركن المعنوي (القصد الجنائي بعنصريه العلم والإرادة) كما تم شرحها سابقًا.
  • وجود شكوى من المجني عليه أو من له صفة: لا يتم تحريك الدعوى في جريمة التحرش إلا بناءً على شكوى من الضحية، أو من يمثلها قانونًا (مثل ولي الأمر في حالة القاصر)، أو بناءً على علم السلطات بوقوع الجريمة إذا كانت تمس المصلحة العامة.
  • أن تكون الأدلة المقدمة مشروعة: يجب أن تكون الأدلة التي بني عليها الاتهام قد تم الحصول عليها بطرق مشروعة. فلا يجوز مثلًا قبول دليل تم الحصول عليه عن طريق الإكراه أو التعذيب أو التجسس غير المشروع.
  • الجزم واليقين: يجب أن تصل الأدلة والقرائن المقدمة في الدعوى إلى درجة الجزم واليقين لدى القاضي، بحيث لا يترك مجالًا معقولًا للشك في ارتكاب المتهم للجريمة.
  • الشك يفسر لمصلحة المتهم: وهي قاعدة أساسية في القضاء الجنائي، وتعني أنه في حالة وجود شك معقول حول ثبوت التهمة أو صحة الأدلة، فيجب على القاضي أن يحكم بالبراءة.
  • سلامة الإجراءات: يجب أن تكون جميع إجراءات القبض والتفتيش والتحقيق قد تمت وفقًا لما نص عليه نظام الإجراءات الجزائية، وأي إخلال بهذه الإجراءات قد يؤدي إلى بطلان الدليل المستمد منها.
  • إن تحقيق هذه الشروط مجتمعة هو ما يؤدي إلى ثبوت الجريمة وصدور حكم بتوقيع عقوبة التحرش بدون دليل مادي أحيانًا، ولكن بناءً على أدلة وقرائن قوية ومتساندة.

رفع دعوى تحرش

إن رفع دعوى تحرش هو الإجراء القانوني الذي تبدأ به الضحية مسارها للحصول على حقها ومعاقبة الجاني. ويتطلب هذا الإجراء اتباع خطوات محددة لضمان قبول الدعوى والسير فيها بشكل صحيح.

  • المرحلة الأولى: تقديم الشكوى (البلاغ): تبدأ الدعوى بتقديم شكوى شفهية أو كتابية إلى أحد مراكز الشرطة، أو عبر القنوات الإلكترونية المخصصة لذلك مثل تطبيق “كلنا أمن”. يجب أن يتضمن البلاغ تفاصيل دقيقة عن الواقعة وهوية المتحرش إن كانت معروفة.
  • المرحلة الثانية: التحقيق والاستدلال في الشرطة: تقوم الشرطة بجمع الاستدلالات الأولية، وسماع أقوال الشاكي، ومحاولة ضبط المتهم والبحث عن الأدلة الأولية وكاميرات المراقبة.
  • المرحلة الثالثة: التحقيق في النيابة العامة: بعد ذلك، يتم إحالة ملف القضية إلى النيابة العامة التي تتولى التحقيق بشكل موسع، حيث تستجوب الشاكي والمتهم والشهود، وتفحص الأدلة، وقد تأمر بإجراءات إضافية مثل التفتيش أو تقارير الخبرة.
  • المرحلة الرابعة: إحالة الدعوى للمحكمة: إذا رأت النيابة العامة أن الأدلة كافية، فإنها تصدر لائحة اتهام وتُحيل الدعوى إلى المحكمة الجزائية المختصة.
  • المرحلة الخامسة: رفع دعوى الحق الخاص: بالتزامن مع دعوى الحق العام التي تقيمها النيابة العامة، يحق للضحية (المدعي بالحق الخاص) أن ترفع دعواها الخاصة أمام المحكمة للمطالبة بالتعويض المادي والمعنوي عن الأضرار التي لحقت بها.
  • المرحلة السادسة: المحاكمة: تبدأ جلسات المحاكمة حيث تستمع المحكمة إلى الطرفين ومرافعاتهم، وتناقش الأدلة، وتصدر حكمها النهائي في القضية، إما بالإدانة وتحديد العقوبة، أو بالبراءة.
  • نظرًا لتعقيد هذه الإجراءات، فإن الاستعانة بمحامٍ متخصص مثل فريق مكتب فيصل الحارثي للمحاماة منذ اللحظة الأولى هو أمر بالغ الأهمية لضمان عدم ارتكاب أي أخطاء إجرائية قد تؤثر على مسار القضية.

هل يجوز التصالح في جريمة التحرش؟

يثار هذا السؤال كثيرًا، خاصة من قبل أطراف القضية الذين قد يرغبون في إنهاء النزاع بشكل ودي. والإجابة على هذا السؤال تتطلب التفريق بين الحق العام والحق الخاص في جريمة التحرش.

  • الحق العام: هو حق المجتمع والدولة في معاقبة الجاني على جريمته، وهذا الحق لا يملكه المجني عليه ولا يجوز له التصالح فيه أو التنازل عنه. وتتولى النيابة العامة المطالبة بهذا الحق.
  • الحق الخاص: هو حق المجني عليه الشخصي في الحصول على تعويض عن الضرر الذي أصابه. وهذا الحق هو ملك خالص للضحية، ويجوز لها التصالح فيه والتنازل عنه في أي مرحلة من مراحل الدعوى.
  • أثر التنازل عن الحق الخاص: إذا قامت الضحية بالتنازل عن حقها الخاص، فإن ذلك لا يوقف سير الدعوى الجنائية (دعوى الحق العام). ستستمر المحكمة في نظر القضية، وإذا ثبتت إدانة المتهم، فسيتم توقيع العقوبة المقررة نظامًا عليه (السجن أو الغرامة) لأن هذه العقوبة هي حق للمجتمع.
  • اعتبار التنازل كظرف مخفف: على الرغم من أن التنازل لا يوقف العقوبة، إلا أن القاضي قد يأخذه في الاعتبار كظرف قضائي مخفف عند تحديد مقدار العقوبة التعزيرية، خاصة إذا كان المتهم ليس من أصحاب السوابق.
  • الخلاصة: لا يجوز التصالح بمعنى إنهاء القضية بالكامل، فجريمة التحرش من الجرائم التي تمس أمن المجتمع ولا تخضع للتصالح الكامل. ولكن يجوز للضحية التنازل عن حقها الشخصي في التعويض، ويبقى الحق العام قائمًا.
  • يهدف هذا التنظيم إلى منع الضغط على الضحايا للتنازل، وضمان عدم إفلات المتحرشين من العقاب حتى لو تمكنوا من إرضاء الضحية ماديًا.

كيف أخذ حقي من المتحرش؟

إن الشعور بالغضب والرغبة في الانتقام هو رد فعل طبيعي لأي ضحية تحرش، ولكن الطريق الصحيح لأخذ الحق ليس من خلال الانتقام الشخصي، بل من خلال اتباع القنوات القانونية التي كفلها النظام، والتي تضمن معاقبة الجاني ورد اعتبار الضحية.

  • الخطوة الأولى: لا تترددي في الإبلاغ: الخطوة الأهم والأولى هي كسر حاجز الخوف والصمت، والتوجه فورًا لتقديم بلاغ رسمي. التأخير في الإبلاغ يضعف موقفك ويصعّب من مهمة جمع الأدلة.
  • الخطوة الثانية: وثقي كل شيء: حاولي توثيق أي دليل ممكن، سواء كان رسائل، أو صور، أو أسماء شهود. هذه الأدلة هي سلاحك في القضية.
  • الخطوة الثالثة: توكيل محامٍ متخصص: لا تحاولي خوض هذه المعركة بمفردك. المحامي الخبير سيوجهك للإجراءات الصحيحة، وسيتولى المتابعة مع الجهات الأمنية والقضائية، وسيرفع عنك عبئًا كبيرًا.
  • الخطوة الرابعة: المطالبة بالحقين العام والخاص: تأكدي من أن محاميك يطالب بكلا الحقين: الحق العام (وهو معاقبة الجاني بالسجن والغرامة)، والحق الخاص (وهو حصولك على تعويض مالي مناسب يجبر الضرر النفسي والمعنوي الذي لحق بك).
  • الخطوة الخامسة: الصبر والثقة في القضاء: قد تأخذ الإجراءات القضائية بعض الوقت، فتحلي بالصبر والثقة في أن القضاء السعودي حريص على تحقيق العدالة وإنصاف المظلوم.
  • تذكري دائمًا أن أخذ حقك بالطرق النظامية لا يعاقب الجاني فحسب، بل يساهم أيضًا في حماية المجتمع من هذا الشخص ويمنعه من تكرار فعلته مع ضحايا أخريات.
  • إن فريقنا في مكتب فيصل الحارثي للمحاماة ملتزم بالوقوف إلى جانب ضحايا التحرش وتقديم كافة أشكال الدعم القانوني والنفسي لهم، ومساعدتهم في الحصول على حقوقهم كاملة غير منقوصة.

البراءة في قضايا التحرش

كما أن الإدانة هي مصير من تثبت عليه الجريمة، فإن البراءة هي المصير الحتمي لمن لم تثبت إدانته أو كانت الأدلة ضده ضعيفة أو باطلة. وتعتبر أحكام البراءة ضمانة هامة لحماية الأبرياء من الاتهامات الكيدية والظالمة.

  • الأصل هو البراءة: القاعدة الذهبية في القضاء الجنائي هي أن “المتهم بريء حتى تثبت إدانته” بحكم قضائي نهائي. وهذا يعني أن عبء الإثبات يقع بالكامل على سلطة الاتهام (النيابة العامة).
  • الشك يفسر لمصلحة المتهم: إذا لم تتمكن النيابة العامة من تقديم أدلة قاطعة وجازمة، وثار لدى القاضي شك معقول حول ارتكاب المتهم للجريمة، فيجب عليه أن يحكم بالبراءة.
  • أسباب البراءة الشائعة:
    • عدم كفاية الأدلة: وهو السبب الأكثر شيوعًا، حيث تكون الأدلة المقدمة غير كافية لتكوين يقين لدى القاضي.
    • تناقض أقوال الضحية والشهود: وجود تناقضات جوهرية في أقوال الشاكي أو شهود الإثبات يضعف من مصداقيتها ويؤدي للبراءة.
    • كيدية الاتهام: إذا تمكن الدفاع من إثبات أن الدعوى مقامة بقصد الكيد والانتقام، فإن المحكمة تحكم بالبراءة.
    • بطلان إجراءات القبض والتفتيش: إذا تم القبض على المتهم أو تفتيشه بشكل مخالف لنظام الإجراءات الجزائية، فإن أي دليل يتم الحصول عليه يكون باطلًا، وبالتالي قد يؤدي إلى البراءة.
    • انتفاء القصد الجنائي: إذا أثبت الدفاع أن الفعل المادي وقع دون توافر القصد الجنائي لدى المتهم.
  • إن الحصول على حكم بالبراءة، خاصة في قضية لا يوجد فيها دليل مادي، يعتمد بشكل كبير على قوة المحامي وقدرته على تفنيد أدلة الاتهام وإثارة الشكوك المنطقية والقانونية في ذهن القاضي.

متى تسقط تهمة التحرش في السعودية؟

تسقط التهمة أو تنقضي الدعوى الجنائية في جريمة التحرش، كما في غيرها من الجرائم، بعدة أسباب محددة في نظام الإجراءات الجزائية. وفهم هذه الأسباب مهم لمعرفة المصير القانوني للدعوى.

  • صدور حكم نهائي بات: إذا صدر حكم نهائي في القضية، سواء بالإدانة أو بالبراءة، واكتسب هذا الحكم القطعية (أي تم استنفاد جميع طرق الطعن فيه)، فإن الدعوى تنقضي ولا يجوز إعادة محاكمة الشخص عن نفس الفعل مرة أخرى.
  • عفو ولي الأمر: في بعض الحالات، قد يصدر عفو ملكي عام عن فئة معينة من الجرائم أو المحكومين، فإذا شمل العفو جريمة التحرش، فإن الدعوى تنقضي.
  • وفاة المتهم: تنقضي الدعوى الجنائية العامة بوفاة المتهم. ولكن هذا لا يمنع ورثة المجني عليه من المطالبة بالحق الخاص (التعويض) من تركة المتهم المتوفى.
  • التنازل في الحق الخاص: كما ذكرنا، فإن تنازل المجني عليه عن حقه الخاص لا يسقط الحق العام، وبالتالي لا تسقط التهمة بشكل كامل، بل يستمر نظرها أمام المحكمة.
  • التقادم (عدم وجوده في النظام السعودي حاليًا): بعض الأنظمة القانونية في العالم تأخذ بمبدأ تقادم الدعوى الجنائية (أي سقوطها بمضي مدة معينة دون تحريكها). ولكن نظام الإجراءات الجزائية السعودي لا يأخذ حاليًا بمبدأ التقادم كسبب عام لانقضاء الدعوى الجنائية.
  • حفظ الدعوى في النيابة العامة: قد تسقط التهمة من مرحلة مبكرة، وذلك إذا رأت النيابة العامة بعد التحقيق عدم وجود وجه لإقامة الدعوى لعدم كفاية الأدلة، فتصدر قرارًا بحفظ الأوراق. وهذا القرار يمكن التظلم منه.

الخطوات لإبلاغ الشرطة بجريمة التحرش

إن الإبلاغ السريع والمنظم هو مفتاح الوصول إلى حقك. وقد سهلت وزارة الداخلية السعودية عملية الإبلاغ وجعلتها في متناول الجميع لضمان عدم التردد في اتخاذ هذه الخطوة الهامة.

  • الخطوة الأولى: الحفاظ على الهدوء وجمع المعلومات: بقدر الإمكان، حاولي الحفاظ على هدوئك ومراقبة أي تفاصيل عن المتحرش (ملابسه، أوصافه، نوع سيارته ورقمها) والمكان والزمان.
  • الخطوة الثانية: الاتصال الفوري على رقم الطوارئ: أسرع طريقة هي الاتصال برقم الطوارئ الموحد (911 في معظم المناطق أو 999) والإبلاغ عن الواقعة فور حدوثها، خاصة إذا كان الجاني لا يزال في محيط المكان.
  • الخطوة الثالثة: التوجه إلى أقرب مركز شرطة: يجب عليك التوجه لأقرب قسم شرطة وتقديم بلاغ رسمي. سيقوم الضابط المسؤول بتدوين أقوالك بالتفصيل في محضر رسمي، ويجب أن تكوني دقيقة في سرد كل ما حدث.
  • الخطوة الرابعة: استخدام تطبيق “كلنا أمن”: إذا كان التحرش إلكترونيًا أو إذا كان لديك دليل رقمي (صورة أو فيديو)، فإن استخدام تطبيق “كلنا أمن” هو الخيار الأمثل، حيث يمكنك رفع البلاغ مع إرفاق الأدلة مباشرة من هاتفك.
  • الخطوة الخامسة: تقديم كافة الأدلة: سواء في الشرطة أو عبر التطبيق، قدمي كل ما لديك من أدلة: صور، فيديوهات، رسائل، أسماء شهود وأرقام هواتفهم. لا تخفي أي معلومة مهما كانت بسيطة.
  • الخطوة السادسة: الحصول على رقم البلاغ: تأكدي من الحصول على رقم البلاغ أو القضية لمتابعتها لاحقًا مع الشرطة أو النيابة العامة.
  • الخطوة السابعة: استشارة محامٍ: من الأفضل استشارة محامٍ متخصص قبل أو بعد تقديم البلاغ مباشرة، ليقدم لك النصح حول كيفية الإدلاء بأقوالك بشكل صحيح ويوجهك للخطوات التالية.

في ختام هذا الدليل الشامل، نؤكد أن جريمة التحرش هي جرح غائر في جسد المجتمع، وأن النظام السعودي قد وفر الترسانة القانونية اللازمة لمواجهتها ومعاقبة مرتكبيها. سواء كنت ضحية تسعى للحصول على حقها، أو متهمًا تبحث عن إثبات براءتك، فإن ساحة القضاء هي المكان الصحيح لتحقيق العدالة.

إن التعامل مع قضية حساسة ومعقدة مثل عقوبة التحرش بدون دليل يتطلب خبرة قانونية عميقة وحكمة في التعامل مع الأدلة والقرائن. وهذا بالضبط ما يقدمه فريقنا في مكتب فيصل الحارثي للمحاماة. نحن نضع خبرتنا الطويلة في القضايا الجزائية بين يديك، ونلتزم بالدفاع عن حقوقك بمنتهى الاحترافية والسرية التامة.

لا تدع الخوف أو التردد يمنعك من اتخاذ الخطوة الصحيحة. تواصل معنا اليوم للحصول على استشارة قانونية عاجلة وموثوقة. اتصل بنا الآن على الرقم: +966 54 124 4411

التعليقات معطلة.