في عصر أصبحت فيه الكلمة سيفاً ذا حدين، وبات الفضاء الرقمي ساحة مفتوحة للنقد والتعبير، برزت جريمة التشهير كواحدة من أخطر الآفات التي تهدد سمعة الأفراد والكيانات وتنسف استقرارهم. إن السمعة التي يبنيها الإنسان أو الشركة على مدار سنوات طويلة، يمكن أن تهدمها في لحظات عبارة غير مسؤولة، أو منشور كاذب، أو إشاعة مغرضة تنتشر كالنار في الهشيم عبر وسائل التواصل الاجتماعي. إدراكاً لخطورة هذا الفعل، وضع المنظم السعودي أطراً قانونية صارمة، وجعل عقوبة التشهير في السعودية رادعة وحازمة، حمايةً للأعراض، وصوناً للكرامة، وحفظاً لحقوق الجميع.
إن التعرض لجريمة تشهير، أو الوقوف في موقف الاتهام بارتكابها، يمثل تحدياً قانونياً ونفسياً هائلاً. فالقضية لا تتعلق فقط بإثبات الضرر أو نفيه، بل تمتد لتشمل التعامل مع إجراءات التحقيق والمحاكمة المعقدة، وجمع الأدلة الرقمية، وتقديم الدفوع القانونية المقنعة. وفي هذا المعترك، يصبح المحامي المتخصص هو طوق النجاة وخط الدفاع الأول. في مكتب فيصل الحارثي للمحاماة، نجمع بين المعرفة القانونية العميقة والخبرة العملية الواسعة في التعامل مع قضايا التشهير بكل أنواعها، ونلتزم بتقديم الدعم الكامل لعملائنا لاستعادة حقوقهم ورد اعتبارهم. هذا المقال هو بوابتك لفهم كل جوانب عقوبة التشهير في السعودية وكيفية التعامل معها بذكاء وحكمة.
ما هي عقوبة التشهير في السعودية؟
حدد المنظم السعودي عقوبات واضحة ومحددة لجريمة التشهير، تهدف إلى تحقيق الردع العام والخاص، وتعويض المجني عليه عن الضرر الذي لحق به.
-
تتمثل العقوبة الأساسية لجريمة التشهير، خاصة تلك التي تقع عبر وسائل تقنية المعلومات، في السجن لمدة لا تزيد على سنة، وبغرامة لا تزيد على خمسمائة ألف ريال سعودي، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
-
تستند هذه العقوبة بشكل أساسي إلى المادة الثالثة من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية، التي تجرم صراحة “التشهير بالآخرين، وإلحاق الضرر بهم، عبر وسائل تقنية المعلومات المختلفة”.
-
تعتبر عقوبة التشهير في السعودية من العقوبات التعزيرية، مما يعني أن القاضي يمتلك سلطة تقديرية واسعة في تحديد شدة العقوبة (مدة السجن وقيمة الغرامة) بناءً على ظروف كل قضية.
-
يأخذ القاضي في اعتباره عند تقدير العقوبة عدة عوامل، منها: جسامة الألفاظ المستخدمة، ومدى انتشار التشهير، وحجم الضرر الذي لحق بالمجني عليه، وما إذا كان الجاني قد تعمد الفعل وأصر عليه.
-
بالإضافة إلى العقوبة الجزائية، يمكن للمحكمة أن تحكم بعقوبات تبعية، مثل مصادرة الأجهزة المستخدمة في الجريمة، وإغلاق الحسابات أو المواقع التي تم من خلالها التشهير، ونشر ملخص الحكم في الصحف على نفقة المحكوم عليه لرد اعتبار المجني عليه.
أنواع قضايا التشهير
تتخذ جريمة التشهير أشكالاً متعددة، وتختلف طبيعتها باختلاف الوسيلة المستخدمة والطرف المستهدف، وهو ما يؤثر على طريقة التعامل مع القضية.
-
التشهير الإلكتروني: وهو النوع الأكثر شيوعاً في وقتنا الحاضر، ويشمل كل تشهير يتم عبر وسائل التواصل الاجتماعي (تويتر، فيسبوك، سناب شات، واتساب، تيك توك)، أو عبر المواقع الإلكترونية، أو المدونات، أو تطبيقات المراسلة الفورية.
-
التشهير التقليدي: ويقصد به التشهير الذي يتم عبر الوسائل غير الرقمية، مثل الصحف والمجلات المطبوعة، أو المنشورات الورقية، أو عبر التصريحات في القنوات التلفزيونية والإذاعية.
-
تشهير الأفراد: وهو الذي يستهدف سمعة شخص طبيعي، من خلال إسناد وقائع غير صحيحة تمس شرفه أو اعتباره أو تسيء إلى سمعته لدى الآخرين.
-
تشهير الشركات والمؤسسات: وهو الذي يستهدف السمعة التجارية لشركة أو مؤسسة، من خلال نشر معلومات كاذبة عن منتجاتها أو خدماتها أو نزاهتها المالية، بهدف إلحاق الضرر بها أو التأثير على عملائها.
-
إن تحديد نوع قضية التشهير بدقة هو الخطوة الأولى التي يقوم بها المحامي المختص في مكتب فيصل الحارثي للمحاماة لوضع استراتيجية التقاضي المناسبة.
كيف يتم إثبات التشهير؟
يعتبر عبء إثبات وقوع جريمة التشهير هو التحدي الأكبر في هذه القضايا، ويتطلب تقديم أدلة مقنعة ومقبولة نظاماً أمام المحكمة.
-
الأدلة الرقمية: في قضايا التشهير الإلكتروني، تعتبر الأدلة الرقمية هي الأساس. ويشمل ذلك تقديم لقطات شاشة (سكرين شوت) للمنشورات أو التعليقات أو الرسائل المسيئة، مع ضرورة توثيقها بشكل رسمي لضمان قبولها.
-
تقارير الخبرة الفنية: يمكن للمحكمة أن تستعين بخبراء في الجرائم المعلوماتية لتحليل الأدلة الرقمية، وتتبع مصدرها، والتأكد من صحتها وعدم التلاعب بها، ونسبتها بشكل قاطع إلى المتهم.
-
شهادة الشهود: يمكن الاستعانة بشهادة الشهود الذين اطلعوا على المنشور المسيء أو سمعوا عبارات التشهير مباشرة، وتعتبر شهادتهم قرينة مهمة تدعم موقف المجني عليه.
-
الإقرار: يعتبر اعتراف المتهم الصريح بارتكابه لفعل التشهير سيد الأدلة، ويسهل بشكل كبير مهمة إثبات الجريمة في حقه.
-
القرائن الأخرى: يمكن الاستناد إلى قرائن أخرى، مثل وجود خلافات سابقة بين الطرفين، أو وجود دافع لدى المتهم للإساءة إلى المجني عليه، لتعزيز الأدلة المقدمة.
-
إن جمع هذه الأدلة وتقديمها للمحكمة وفقاً للإجراءات النظامية الصحيحة هو فن يتقنه المحامي المتمرس، وهو عامل حاسم في كسب القضية والحصول على عقوبة التشهير في السعودية التي تردع الجاني.
التشهير بالشركات
يُعد التشهير الذي يستهدف الكيانات التجارية جريمة ذات أبعاد اقتصادية خطيرة، ويتعامل معها النظام السعودي بحزم لحماية بيئة الاستثمار.
-
يقع التشهير بالشركات عند نشر أي معلومات كاذبة أو شائعات مغرضة تهدف إلى زعزعة ثقة العملاء في منتجات الشركة أو خدماتها أو نزاهتها.
-
يمكن أن يؤدي هذا النوع من التشهير إلى خسائر مالية فادحة للشركة، وانخفاض في المبيعات، وتضرر العلامة التجارية التي تم بناؤها على مدى سنوات.
-
يحق للشركة المتضررة رفع دعوى جزائية ضد من قام بالتشهير للمطالبة بتطبيق عقوبة التشهير في السعودية المقررة نظاماً.
-
بالإضافة إلى الدعوى الجزائية، يحق للشركة رفع دعوى مدنية مستقلة أمام المحكمة التجارية للمطالبة بالتعويض عن كافة الخسائر المادية والمعنوية التي لحقت بها، بما في ذلك خسارة الأرباح وتكاليف إصلاح السمعة.
-
يتطلب تمثيل الشركات في قضايا التشهير محامياً يمتلك خبرة مزدوجة في القانون الجنائي والتجاري، لضمان حماية مصالح الشركة من كافة الجوانب.
إجراءات رفع دعوى تشهير
للحصول على حقك وتحصيل عقوبة التشهير في السعودية ضد من أساء إليك، يجب اتباع مجموعة من الإجراءات القانونية المنظمة.
-
الخطوة الأولى: جمع الأدلة: قبل أي شيء، يجب على المجني عليه توثيق واقعة التشهير بشكل فوري، كأخذ لقطات شاشة واضحة وكاملة للمحتوى المسيء قبل أن يتم حذفه.
-
الخطوة الثانية: تقديم البلاغ: يتم تقديم بلاغ رسمي لدى أقرب مركز شرطة، أو مباشرة عبر تطبيق “كلنا أمن” المخصص للبلاغات الأمنية والجنائية.
-
الخطوة الثالثة: التحقيق في النيابة العامة: تقوم الشرطة بجمع الاستدلالات الأولية ثم تحيل القضية إلى النيابة العامة، التي تتولى التحقيق الرسمي واستجواب المتهم ومواجهته بالأدلة.
-
الخطوة الرابعة: الإحالة إلى المحكمة: إذا رأت النيابة العامة أن الأدلة كافية، فإنها تحيل القضية إلى المحكمة الجزائية المختصة وتوجه لائحة اتهام رسمية ضد الجاني.
-
الخطوة الخامسة: المحاكمة والمطالبة بالحقوق: تبدأ جلسات المحاكمة، حيث يقوم محاميك بتقديم الأدلة والمرافعات للمطالبة بالحق الخاص (التعويض) والحق العام (عقوبة السجن والغرامة).
-
في كل هذه المراحل، يكون وجود محامٍ من مكتب فيصل الحارثي للمحاماة بجانبك أمراً ضرورياً لضمان سير الإجراءات بشكل صحيح وحماية حقوقك بالكامل.
عقوبة التشهير على الفيس بوك
تنطبق أحكام نظام مكافحة جرائم المعلوماتية بشكل كامل على كافة منصات التواصل الاجتماعي، بما في ذلك منصة فيسبوك.
-
يعتبر تطبيق فيسبوك أحد “وسائل تقنية المعلومات” التي ذكرها النظام، وأي تشهير يتم من خلاله يخضع للعقوبات المنصوص عليها.
-
سواء تم التشهير عبر منشور عام، أو تعليق، أو رسالة خاصة، أو من خلال المجموعات، فإن الفعل يعتبر جريمة مكتملة الأركان.
-
تطبق على من يرتكب جريمة التشهير عبر فيسبوك عقوبة السجن لمدة تصل إلى سنة والغرامة التي تصل إلى خمسمائة ألف ريال، أو إحدى هاتين العقوبتين.
-
يمكن إثبات التشهير على فيسبوك من خلال تقديم لقطات شاشة موثقة للمنشور أو التعليق المسيء، مع إظهار اسم الحساب وتاريخ النشر بوضوح.
-
يجب على مستخدمي فيسبوك وغيره من التطبيقات الحذر الشديد من كتابة أي محتوى قد يصنف على أنه تشهير، فالجهل بالنظام لا يعفي من المسؤولية عن عقوبة التشهير في السعودية.
كم عقوبة التشهير؟
للإجابة بشكل مباشر ودقيق، فإن عقوبة التشهير في السعودية محددة بشكل واضح في النظام، ولكن تقديرها النهائي يعود للمحكمة.
-
العقوبة القصوى التي نص عليها نظام مكافحة جرائم المعلوماتية هي: السجن لمدة لا تزيد على سنة، وغرامة مالية لا تزيد على خمسمائة ألف ريال.
-
يجوز للقاضي أن يحكم بكلتا العقوبتين معاً (السجن والغرامة)، أو أن يكتفي بإحداهما دون الأخرى.
-
يتم تحديد العقوبة الدقيقة (مثلاً: سجن لمدة شهرين وغرامة خمسين ألف ريال) بناءً على السلطة التقديرية للقاضي الذي ينظر في ظروف القضية وتفاصيلها.
-
في بعض الحالات البسيطة، أو إذا كانت تلك هي الجريمة الأولى للمتهم وأبدى ندمه، قد يكتفي القاضي بعقوبة مخففة أو يقرر إيقاف تنفيذ العقوبة.
-
في المقابل، في الحالات الجسيمة التي تسببت في ضرر بالغ أو استهدفت شخصيات عامة أو أثارت الرأي العام، قد تتجه المحكمة إلى فرض العقوبة القصوى لتحقيق الردع.
التشهير في القانون السعودي
يقوم مفهوم التشهير في القانون السعودي على أركان محددة، وفهمها ضروري للتفريق بينه وبين النقد المباح أو الجرائم الأخرى المشابهة.
-
ركن العلانية: وهو الركن الأساسي، ويعني أن الإساءة أو نسبة الواقعة المشينة قد تمت بشكل علني، أي وصلت إلى علم شخص ثالث غير الجاني والمجني عليه. وتتحقق العلانية بسهولة في الفضاء الإلكتروني.
-
ركن الإسناد: وهو أن يقوم الجاني بإسناد واقعة محددة إلى المجني عليه، وهذه الواقعة من شأنها أن تعرضه للعقاب أو تجعله محلاً للاحتقار والازدراء من قبل الآخرين.
-
القصد الجنائي: وهو علم الجاني بأن ما يقوم بنشره أو قوله يمثل إساءة لسمعة المجني عليه، ورغم ذلك تتجه إرادته إلى القيام بهذا الفعل وتحقيق نتيجته.
-
يختلف التشهير عن السب الذي يقتصر على توجيه ألفاظ نابية تخدش الشرف دون إسناد واقعة، كما يختلف عن القذف الذي يختص بإسناد واقعة الزنا أو اللواط وله حده الشرعي الخاص.
-
إن التكييف القانوني الدقيق للواقعة على أنها تشهير هو من أهم مهام المحامي، لأن بناء الدعوى بأكملها يعتمد على هذا التكييف.
أسئلة شائعة حول عقوبة التشهير في السعودية
تثير قضايا التشهير العديد من التساؤلات لدى عامة الناس، وفيما يلي إجابات على أبرز هذه الأسئلة.
-
هل التشهير في المجموعات الخاصة أو الرسائل الخاصة يعاقب عليه القانون؟ نعم، طالما أن الرسالة أو المنشور قد وصل إلى علم شخص ثالث، فإن ركن العلانية يتحقق وتكتمل أركان الجريمة، وبالتالي تطبق عقوبة التشهير في السعودية.
-
ماذا لو كانت المعلومة التي نشرتها صحيحة؟ حتى لو كانت الواقعة صحيحة، فإن مجرد نشرها بقصد الإساءة للسمعة ودون وجود مصلحة معتبرة نظاماً يعتبر تشهيراً معاقباً عليه. فالنظام لا يحمي فقط من الكذب، بل يحمي أيضاً السمعة من الإيذاء المتعمد.
-
هل يمكن المطالبة بتعويض مادي عن الضرر النفسي؟ نعم، يحق للمجني عليه المطالبة بالتعويض عن كافة الأضرار التي لحقت به، وتشمل الأضرار المادية (مثل خسارة العمل) والأضرار المعنوية والنفسية، ويقدر القاضي قيمة هذا التعويض.
-
متى تسقط دعوى التشهير؟ تسقط الدعوى بتنازل المجني عليه عن حقه الخاص، حيث أن هذه الجرائم تتوقف إقامتها على شكوى المتضرر. كما تسقط بمضي المدة المقررة نظاماً لرفع الدعوى.
-
هل يمكن مقاضاة حساب مجهول؟ نعم، يمكن تقديم بلاغ ضد الحساب المجهول، وتقوم الجهات المختصة في وحدة الجرائم المعلوماتية بإجراءات التحري الفني للوصول إلى هوية صاحب الحساب ومقاضاته.
إن سمعتك وكرامتك، وسمعة شركتك وعلامتك التجارية، هي أصول لا تقدر بثمن. والاعتداء عليها بالتشهير هو جرح غائر يتطلب علاجاً قانونياً حاسماً وسريعاً. إن محاولة التعامل مع هذه القضايا بشكل فردي قد يعرض حقوقك للضياع ويزيد من حجم الضرر.
في مكتب فيصل الحارثي للمحاماة، نكرس خبراتنا وطاقاتنا للدفاع عن ضحايا التشهير، ومساعدتهم على استعادة اعتبارهم وتحصيل حقوقهم كاملة. كما نقدم الدعم القانوني لمن يجدون أنفسهم في موقف الاتهام، لضمان حصولهم على محاكمة عادلة ودفاع قانوني قوي.
لا تترك التشهير يدمر حياتك أو عملك. بادر باتخاذ الإجراء الصحيح اليوم.
للحصول على استشارة قانونية فورية وسرية حول عقوبة التشهير في السعودية، اتصل الآن على:+966 54 124 4411