في عصر أصبحت فيه الهواتف الذكية والكاميرات الرقمية جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، بات التقاط الصور ومقاطع الفيديو أمراً سهلاً وفي متناول الجميع. ولكن، عندما يتعلق الأمر ببيئة العمل، فإن هذا السلوك الذي قد يبدو بسيطاً وعفوياً يمكن أن يتحول إلى قضية قانونية معقدة، تترتب عليها عواقب وخيمة قد تصل إلى الفصل من العمل والمساءلة الجنائية. إن مقر العمل ليس مكاناً عاماً، بل هو بيئة خاصة تحكمها أنظمة وقوانين تهدف إلى حماية أسرار المنشأة، وخصوصية الموظفين، وضمان سير العمل بسلاسة واحترام متبادل.
إن الجهل بالتبعات القانونية للتصوير داخل مكاتب الشركة أو مرافقها قد يوقع الموظف، بحسن نية أو بسوئها، في مخالفة صريحة لنظام العمل ونظام مكافحة الجرائم المعلوماتية في المملكة العربية السعودية. لذا، فإن فهم أبعاد عقوبة التصوير في مقر العمل بالسعودية لم يعد ترفاً، بل ضرورة ملحة لكل من أصحاب العمل والموظفين على حد سواء، لتجنب النزاعات العمالية والقضايا الجنائية التي قد تنشأ عن هذا الفعل. في هذا المقال الشامل، يستعرض مكتب فيصل الحارثي للمحاماة كافة الجوانب القانونية المتعلقة بالتصوير في بيئة العمل، موضحاً متى يكون الفعل مباحاً، ومتى يصبح جريمة يعاقب عليها القانون، وكيف يمكنك حماية حقوقك سواء كنت موظفاً أو صاحب عمل.
هل التصوير داخل مقر العمل يعتبر جريمة في السعودية؟
إن تحديد ما إذا كان فعل التصوير في بيئة العمل يرقى إلى مرتبة الجريمة يعتمد بشكل أساسي على القصد من التصوير، وطبيعة ما تم تصويره، وما إذا كان هناك إذن مسبق أم لا.
-
نعم، يمكن أن يعتبر التصوير داخل مقر العمل جريمة يعاقب عليها القانون السعودي إذا كان يهدف إلى المساس بالحياة الخاصة للموظفين الآخرين أو انتهاك خصوصيتهم.
-
يعتبر التصوير جريمة أيضاً إذا كان يهدف إلى كشف أسرار العمل أو تصوير مستندات ووثائق سرية تخص المنشأة بهدف الإضرار بها أو الاستفادة منها بشكل غير مشروع.
-
ينص نظام العمل السعودي على التزامات على الموظف، منها المحافظة على أسرار العمل، ويعتبر تصوير هذه الأسرار أو الوثائق إخلالاً جوهرياً بهذا الالتزام.
-
يكتسب الفعل صفة الجريمة بشكل مؤكد إذا تم نشر الصور أو مقاطع الفيديو التي تم التقاطها دون إذن عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو أي وسيلة أخرى، مما يؤدي إلى التشهير بالأشخاص أو بالمنشأة.
-
لا يعتبر كل تصوير داخل مقر العمل جريمة، فإذا كان التصوير يتم بعلم وإذن صاحب العمل ولأغراض تتعلق بالعمل نفسه، كالتوثيق أو التدريب أو التسويق، فإنه يعتبر فعلاً مشروعاً.
-
تضع العديد من الشركات سياسات داخلية واضحة تمنع أو تنظم عملية التصوير داخل مرافقها، ومخالفة هذه السياسات قد تعرض الموظف لعقوبات تأديبية حتى لو لم يرتقِ فعله إلى مستوى الجريمة الجنائية.
-
إن الفيصل في تحديد ما إذا كان الفعل جريمة أم لا هو انتهاك الخصوصية أو الإضرار بالغير أو بالمنشأة، وهو ما تقدره السلطات القضائية بناءً على وقائع كل قضية على حدة.
-
من الضروري التفريق بين التصوير العفوي الذي لا يحمل أي نية سيئة، والتصوير الممنهج الذي يهدف إلى جمع معلومات أو انتهاك الخصوصية، فالقانون يتعامل مع كل حالة بتقدير مختلف.
العقوبات الجنائية المترتبة على التصوير دون إذن
عندما يتجاوز فعل التصوير حدود المخالفة الإدارية ليصبح جريمة جنائية، فإن الأنظمة السعودية تفرض عقوبات صارمة ورادعة لحماية الحقوق الخاصة والعامة.
-
إذا كان التصوير يمس بالحياة الخاصة للأفراد داخل مقر العمل، فإنه يقع تحت طائلة المادة الثالثة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية.
-
تنص هذه المادة على عقوبة السجن لمدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تزيد على خمسمائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، لكل من يقوم بالمساس بالحياة الخاصة عن طريق إساءة استخدام الهواتف النقالة المزودة بكاميرا، أو ما في حكمها.
-
تتضاعف العقوبة في حال كان الهدف من التصوير هو التشهير بالآخرين وإلحاق الضرر بهم عبر وسائل تقنية المعلومات المختلفة، حيث تعتبر جريمة تشهير يعاقب عليها بنفس العقوبة.
-
إذا كان التصوير يتضمن التقاط صور أو مقاطع فيديو ذات طابع جنسي أو مخل بالآداب العامة، فإن العقوبة قد تكون أشد وتدخل ضمن جرائم أخرى أشد خطورة.
-
لا تقتصر العقوبات على السجن والغرامة، بل يمكن للمحكمة أن تحكم بعقوبات تكميلية مثل مصادرة الأجهزة المستخدمة في ارتكاب الجريمة.
-
يحق للشخص المتضرر (المجني عليه) رفع دعوى للمطالبة بالحق الخاص، والذي يتمثل في التعويض المادي والمعنوي عن الأضرار التي لحقت به جراء هذا الفعل.
-
إذا كان مرتكب الجريمة غير سعودي، فقد تشتمل العقوبة على إبعاده عن المملكة بعد تنفيذ العقوبة المحكوم بها عليه.
-
إن شدة هذه العقوبات تعكس الأهمية الكبيرة التي يوليها المنظم السعودي لحماية الخصوصية ومنع استغلال التكنولوجيا في انتهاك حقوق الأفراد، خاصة في بيئة العمل التي يفترض أن تكون آمنة ومحترمة.
هل يختلف التصوير لمصلحة العمل عن التصوير الشخصي؟
نعم، هناك فرق جوهري وكبير بين التصوير الذي يتم بتكليف من الإدارة ولأغراض تتعلق بالعمل، والتصوير الذي يقوم به الموظف لأغراضه الشخصية، ولكل منهما حكم قانوني مختلف.
-
التصوير لمصلحة العمل يعتبر جزءاً من مهام الوظيفة في بعض الأحيان، كأن يتم تكليف موظف العلاقات العامة بتصوير فعاليات الشركة، أو تكليف مهندس بتصوير مراحل تقدم المشروع للتوثيق.
-
هذا النوع من التصوير يكون مشروعاً وقانونياً طالما أنه يتم في إطار الأغراض المحددة له وبعلم وموافقة الإدارة، ولا ينتهك خصوصية الموظفين بشكل غير مبرر.
-
يجب على صاحب العمل عند تكليف أي موظف بالتصوير أن يوضح له حدود هذا التصوير والغرض منه، ويفضل أن يكون ذلك مكتوباً لتوثيق مشروعية الفعل.
-
أما التصوير الشخصي، فهو الذي يقوم به الموظف من تلقاء نفسه وباستخدام أجهزته الخاصة لأغراض لا تتعلق بالعمل، مثل التقاط صور تذكارية مع الزملاء أو تصوير مقاطع فيديو طريفة.
-
التصوير الشخصي قد يكون مقبولاً في بعض الحالات إذا كان بموافقة جميع الأطراف الظاهرين في الصورة وفي الأماكن المخصصة لذلك كغرفة الاستراحة، وبشرط ألا يخالف سياسات الشركة.
-
يصبح التصوير الشخصي مخالفة ويعرض صاحبه للمساءلة إذا تم دون علم أو موافقة الأشخاص المصوّرين، أو إذا تم في أماكن حساسة، أو إذا تم تصوير معلومات سرية، مما قد يترتب عليه عقوبة التصوير في مقر العمل بالسعودية.
-
الفيصل بين النوعين هو “الغرض” و “الإذن”. فالتصوير لمصلحة العمل يتم بإذن ولغرض مشروع، بينما التصوير الشخصي قد يفتقر إلى هذين العنصرين، مما يجعله محفوفاً بالمخاطر القانونية.
-
لتجنب أي لبس، يجب على الموظفين دائماً الحصول على إذن صريح قبل تصوير أي شخص أو أي شيء داخل مقر العمل لأغراضهم الشخصية.
كيف تحمي نفسك من اتهام بالتصوير غير القانوني؟
يمكن للموظف اتخاذ عدة خطوات استباقية ومنطقية لحماية نفسه من الوقوع في مشكلة قانونية تتعلق بالتصوير، وتجنب أي اتهام قد يدمر مسيرته المهنية.
-
القاعدة الذهبية الأولى هي: “عند الشك، لا تصور”. إذا كنت غير متأكد من مشروعية تصوير موقف معين أو شخص ما، فالأفضل هو الامتناع عن التصوير تماماً.
-
اقرأ سياسة الشركة الداخلية المتعلقة باستخدام الهواتف والكاميرات والتصوير داخل مقر العمل والتزم بها التزاماً تاماً. الجهل بسياسة الشركة ليس عذراً.
-
احصل دائماً على إذن شفوي أو كتابي واضح وصريح من الأشخاص قبل تصويرهم، حتى لو كانوا من زملائك المقربين.
-
تجنب تماماً تصوير أي مستندات أو وثائق أو شاشات حاسوب تحتوي على معلومات تخص العمل، ما لم يكن ذلك جزءاً من مهامك الوظيفية وبتكليف رسمي.
-
لا تقم بتصوير أي شجار أو مشادة كلامية أو موقف محرج بين الزملاء، فهذا قد يعتبر دليلاً على نيتك في التشهير أو الإضرار بهم.
-
كن حذراً للغاية بشأن ما تنشره على وسائل التواصل الاجتماعي. لا تنشر أي صورة أو مقطع فيديو تم التقاطه في مقر العمل دون الحصول على موافقة الشركة والأشخاص الظاهرين في الصورة.
-
إذا طُلب منك تصوير شيء ما لمصلحة العمل، فاطلب توضيحاً مكتوباً أو عبر البريد الإلكتروني الرسمي من مديرك يوضح طبيعة المهمة والغرض منها، واحتفظ بهذا الطلب.
-
في حال نشوء أي خلاف أو سوء فهم يتعلق بالتصوير، فإن الاستعانة الفورية بمستشار قانوني خبير من مكتب فيصل الحارثي للمحاماة يمكن أن توفر لك الحماية اللازمة وتوجهك إلى التصرف الصحيح.
متى يصبح التصوير داخل العمل جريمة معلوماتية؟
لا يعتبر كل تصوير مخالفة إدارية بسيطة، بل يمكن أن يتطور ليصبح جريمة معلوماتية مكتملة الأركان تخضع لنظام مكافحة الجرائم المعلوماتية الصارم.
-
يصبح التصوير جريمة معلوماتية بشكل واضح وصريح عندما يتضمن “المساس بالحياة الخاصة” للأفراد، وهو ما نصت عليه المادة الثالثة من النظام.
-
يعتبر الفعل جريمة معلوماتية إذا تم استخدام الصورة أو المقطع الملتقط في “التشهير بالآخرين، وإلحاق الضرر بهم”، وذلك بنشره عبر الشبكة المعلوماتية أو أي وسيلة تقنية أخرى.
-
إنتاج أو إرسال أو تخزين المواد المصورة التي من شأنها “المساس بالنظام العام، أو القيم الدينية، أو الآداب العامة، أو حرمة الحياة الخاصة” يعتبر جريمة معلوماتية يعاقب عليها القانون بموجب المادة السادسة من النظام.
-
يتحقق وصف الجريمة المعلوماتية بمجرد استخدام أي جهاز إلكتروني (هاتف ذكي، كاميرا رقمية، حاسوب) في ارتكاب فعل التصوير غير المشروع أو نشره أو توزيعه.
-
تصوير المستندات والبيانات السرية للشركة ثم إرسالها عبر البريد الإلكتروني أو تطبيقات التراسل الفوري إلى جهة منافسة يعتبر جريمة معلوماتية تهدف إلى الإضرار بالمنشأة.
-
يعتبر ابتزاز شخص ما بصورة أو مقطع فيديو تم التقاطه له داخل مقر العمل جريمة معلوماتية خطيرة تجمع بين انتهاك الخصوصية والابتزاز.
-
إن عقوبة التصوير في مقر العمل بالسعودية تتخذ طابعاً جنائياً خطيراً عندما يقترن الفعل بتقنية المعلومات، نظراً لسرعة انتشار المحتوى والضرر الواسع الذي يمكن أن يحدثه.
-
تقدير ما إذا كان الفعل يشكل جريمة معلوماتية أم لا يعود إلى النيابة العامة والمحكمة الجزائية، التي تنظر في الأدلة والقصد الجنائي وراء ارتكاب الفعل.
عقوبات تصوير المستندات أو الوثائق داخل مقر العمل
يمثل تصوير وثائق العمل السرية أحد أخطر أنواع المخالفات التي يمكن أن يرتكبها الموظف، حيث يجمع بين مخالفة نظام العمل ومخالفة الأنظمة الجنائية المتعلقة بحماية الأسرار.
-
يعتبر هذا الفعل إخلالاً جسيماً بأحد أهم التزامات الموظف وهو “حفظ أسرار العمل”، ويعطي لصاحب العمل الحق في فصل الموظف بموجب المادة (80) من نظام العمل دون إنذار أو مكافأة أو تعويض.
-
إذا قام الموظف بتصوير هذه الوثائق بهدف تسريبها أو بيعها لجهة منافسة، فإنه يرتكب جريمة “إفشاء أسرار العمل” التي قد تترتب عليها دعاوى مدنية للمطالبة بتعويضات ضخمة عن الأضرار التي لحقت بالشركة.
-
يمكن أن يرقى هذا الفعل إلى مستوى جريمة التجسس التجاري أو خيانة الأمانة، وهي جرائم جنائية لها عقوبات خاصة بها تتجاوز مجرد مخالفة نظام العمل.
-
إذا تم تصوير المستندات ثم نشرها أو إرسالها عبر وسائل تقنية، فإنها تدخل ضمن نطاق نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، خاصة إذا كانت هذه المستندات تحتوي على بيانات شخصية لموظفين آخرين أو عملاء.
-
لا يشترط أن تكون المستندات مختومة بختم “سري للغاية” ليعتبر تصويرها جريمة، فكل المعلومات التي لم تأذن الشركة بنشرها تعتبر من أسرار العمل بحكم طبيعتها.
-
تشمل أسرار العمل الخطط الاستراتيجية، وبيانات العملاء، والعروض المالية، وبراءات الاختراع، والتركيبات الصناعية، وأي معلومات قد يؤدي كشفها إلى إضعاف المركز التنافسي للشركة.
-
إن خطورة هذا الفعل تكمن في أنه يضرب الثقة التي هي أساس علاقة العمل في مقتل، ويظهر نية مبيتة للإضرار بالمنشأة التي يعمل بها الموظف.
-
يجب على الشركات حماية نفسها من خلال تصنيف وثائقها، وتقييد الوصول إلى المعلومات الحساسة، ووضع سياسات واضحة وصارمة تمنع تصوير أو نسخ أي مستندات دون إذن رسمي وموثق.
ماذا تفعل إذا تم تصويرك بدون إذنك داخل العمل؟
إذا وجدت نفسك ضحية للتصوير غير المصرح به في بيئة عملك، فمن المهم أن تتصرف بهدوء وحكمة وأن تتبع الخطوات القانونية الصحيحة لحماية حقوقك.
-
الخطوة الأولى هي مواجهة الشخص الذي قام بتصويرك بشكل هادئ وواضح، وإخباره بأنك لم توافق على التصوير، ومطالبته بحذف الصورة أو المقطع فوراً أمامك.
-
إذا رفض الشخص حذف المادة المصورة أو أنكر قيامه بالتصوير، فلا تدخل معه في جدال أو شجار، بل انتقل إلى الخطوة التالية.
-
قم بتوثيق الواقعة فور حدوثها. اكتب ما حدث بالتفصيل، مع ذكر التاريخ والوقت والمكان وأسماء أي شهود كانوا حاضرين.
-
أبلغ مديرك المباشر أو قسم الموارد البشرية في شركتك بالواقعة بشكل رسمي ومكتوب، وقدم لهم كافة التفاصيل التي قمت بتدوينها.
-
إذا لم تتخذ الشركة إجراءً مرضياً، أو إذا شعرت أن خصوصيتك قد انتُهكت بشكل خطير، أو أن الصورة قد تستخدم للتشهير بك، فيحق لك اللجوء إلى القنوات الرسمية خارج الشركة.
-
يمكنك تقديم بلاغ رسمي لدى أقرب مركز شرطة، حيث سيتم تسجيل الواقعة واتخاذ الإجراءات اللازمة واستدعاء الشخص المعني للتحقيق.
-
من الضروري جداً في هذه المرحلة الحصول على استشارة قانونية متخصصة. تواصل مع مكتب فيصل الحارثي للمحاماة لتقييم الموقف وتوجيهك إلى أفضل مسار قانوني يمكنك اتباعه.
-
لا تتردد في الدفاع عن حقك في الخصوصية، فالقانون السعودي يكفل لك هذه الحماية، والتصرف السريع والصحيح هو مفتاح الحصول على حقك ومنع تفاقم الضرر.
إجراءات رفع شكوى رسمية بسبب تصوير غير مصرح به
عندما تقرر تصعيد الأمر ورفع شكوى رسمية، هناك مساران رئيسيان يمكنك اتباعهما: المسار العمالي داخل المنشأة، والمسار الجنائي لدى الجهات الأمنية.
-
يبدأ المسار العمالي بتقديم شكوى مكتوبة ومفصلة إلى إدارة الشركة أو قسم الموارد البشرية، مع شرح كامل للواقعة وتقديم أي أدلة متوفرة.
-
يجب على الشركة بموجب نظام العمل أن تحقق في الشكوى بجدية، وأن تتخذ الإجراءات التأديبية المناسبة بحق الموظف المخالف إذا ثبتت إدانته، والتي قد تصل إلى الفصل.
-
إذا لم تقم الشركة بواجبها أو كان قرارها غير منصف، فيمكنك تقديم شكوى لدى وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية عبر منصة “ودي” للتسوية الودية.
-
أما المسار الجنائي، فيبدأ بالتوجه إلى مركز الشرطة الذي يقع مقر العمل في دائرته، وتقديم بلاغ رسمي بالواقعة.
-
يجب أن تصطحب معك هويتك وأي أدلة تثبت الواقعة، مثل أسماء الشهود أو أي رسائل أو منشورات تتعلق بالصورة إذا تم نشرها.
-
ستقوم الشرطة بتحرير محضر بالواقعة، وجمع الاستدلالات الأولية، ثم إحالة القضية إلى النيابة العامة التي ستتولى التحقيق في الجريمة.
-
ستقوم النيابة العامة باستدعاء المشكو في حقه والشهود، وتفريغ الكاميرات إن وجدت، والتحقيق في كافة ملابسات القضية لتحديد ما إذا كانت تشكل جريمة معلوماتية.
-
إذا رأت النيابة العامة أن أركان الجريمة متوافرة، فإنها تقوم بإعداد لائحة اتهام وإحالة القضية إلى المحكمة الجزائية المختصة للنظر فيها وإصدار الحكم وتحديد عقوبة التصوير في مقر العمل بالسعودية.
-
خلال كل هذه الإجراءات، يعد وجود محامٍ متخصص بجانبك أمراً ضرورياً لضمان تقديم الشكوى بشكل صحيح ومتابعتها وتقديم الدفوع اللازمة أمام جهات التحقيق والمحاكمة.
دور نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية في حماية الخصوصية
يمثل نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية السعودي الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/17) وتاريخ 1428/3/8هـ، حجر الزاوية في حماية الخصوصية في الفضاء الرقمي والواقعي عند استخدام التقنية.
-
وضع النظام تعريفاً واضحاً للجريمة المعلوماتية والأفعال التي تقع تحت طائلته، مما أزال أي غموض كان يحيط بهذه النوعية من الجرائم.
-
نصت المادة الثالثة من النظام بشكل صريح ومباشر على تجريم “المساس بالحياة الخاصة” و “التشهير بالآخرين”، وهما الجريمتان الأكثر ارتباطاً بقضايا التصوير دون إذن.
-
لم يكتفِ النظام بالتجريم، بل وضع عقوبات رادعة تجمع بين السجن والغرامات المالية العالية، بهدف تحقيق الردع العام والخاص ومنع ارتكاب مثل هذه الجرائم.
-
أعطى النظام صلاحيات واسعة لهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات والجهات الأمنية المختصة لضبط هذه الجرائم وتتبع مرتكبيها، والتحقيق فيها وجمع الأدلة الرقمية اللازمة لإدانتهم.
-
ساهم النظام في رفع مستوى الوعي المجتمعي بخطورة انتهاك الخصوصية عبر الوسائل التقنية، وأوضح للمستخدمين أن هناك عواقب قانونية وخيمة تنتظر كل من يسيء استخدام التكنولوجيا.
-
يوفر النظام الحماية ليس فقط للأفراد، بل للمؤسسات والشركات أيضاً من خلال تجريم أفعال مثل الدخول غير المشروع للمواقع الإلكترونية، أو إتلاف البيانات، أو تسريب المعلومات السرية.
-
يشكل النظام مظلة قانونية قوية يمكن للمتضررين اللجوء إليها للمطالبة بحقوقهم، ويمنح القضاء السعودي الأساس التشريعي اللازم للتعامل بحزم مع هذه القضايا.
-
إن وجود هذا النظام المتخصص يؤكد على أن حماية الخصوصية في العصر الرقمي هي من الأولويات التي توليها المملكة اهتماماً كبيراً، وأن عقوبة التصوير في مقر العمل بالسعودية عند ارتباطها بالتقنية هي عقوبة جدية وحاسمة.
تأثير التصوير غير القانوني على علاقة العمل
يتجاوز التصوير غير المصرح به مجرد كونه مخالفة قانونية، ليترك آثاراً سلبية عميقة على بيئة العمل وعلاقات الموظفين ببعضهم البعض وبإدارتهم.
-
يؤدي التصوير السري أو دون إذن إلى تدمير الثقة بين الزملاء، حيث يشعر الجميع بأنهم مراقبون وأن خصوصيتهم قد تنتهك في أي لحظة، مما يخلق بيئة عمل مشحونة بالشك والريبة.
-
يتسبب هذا السلوك في نشوء نزاعات وصراعات شخصية بين الموظفين، مما يؤثر سلباً على روح الفريق والتعاون المطلوب لإنجاز مهام العمل.
-
يمكن أن يؤدي اكتشاف حالة تصوير غير قانوني إلى انخفاض الروح المعنوية للموظفين وشعورهم بعدم الأمان في مكان عملهم، مما ينعكس على إنتاجيتهم وولائهم للمنشأة.
-
إذا قام موظف بتصوير موقف معين ونشره على وسائل التواصل الاجتماعي، فقد يسيء ذلك إلى سمعة الشركة وصورتها الذهنية أمام العملاء والجمهور، مما قد يسبب لها خسائر مادية.
-
يضع هذا الفعل إدارة الشركة في موقف حرج، حيث تكون مطالبة بالتحقيق واتخاذ إجراءات تأديبية، وهو ما قد يؤدي إلى فقدان موظفين أو الدخول في نزاعات عمالية معقدة.
-
من وجهة نظر الموظف الذي يرتكب المخالفة، فإنه يخاطر بفقدان وظيفته، وتشويه سمعته المهنية، مما يجعل من الصعب عليه الحصول على فرصة عمل أخرى في المستقبل.
-
إن بيئة العمل الصحية تقوم على الاحترام المتبادل والثقة والالتزام بالأنظمة، والتصوير غير القانوني هو سلوك يهدم كل هذه الأسس.
-
يجب على إدارات الموارد البشرية أن تلعب دوراً استباقياً في التوعية بمخاطر هذا السلوك، ووضع سياسات واضحة وصارمة، وتطبيقها بحزم على الجميع دون استثناء.
هل يمكن لصاحب العمل تفويض جهة بالتصوير الرسمي؟
نعم، يحق لصاحب العمل تماماً أن يفوض جهة متخصصة، سواء كانت قسماً داخلياً أو شركة خارجية، للقيام بمهام التصوير لأغراض العمل المشروعة، ولكن ضمن ضوابط محددة.
-
يمكن لصاحب العمل التعاقد مع مصورين محترفين أو شركات إنتاج لتصوير فعاليات الشركة، أو منتجاتها، أو إعداد مواد إعلانية وتسويقية.
-
يعتبر هذا الإجراء قانونياً تماماً طالما أن الغرض من التصوير هو مصلحة العمل المعلنة والمشروعة.
-
يجب على صاحب العمل إبلاغ الموظفين مسبقاً بوجود تصوير رسمي في تاريخ ومكان معينين، وتوضيح الغرض منه.
-
إذا كان التصوير سيركز على موظفين معينين بشكل خاص، فمن الأفضل والأكثر احترافية الحصول على موافقتهم الكتابية على التصوير واستخدام صورهم في المواد الإعلانية أو الإعلامية.
-
لا يعطي هذا التفويض للجهة المصورة الحق في انتهاك خصوصية الموظفين أو تصويرهم في أوضاعهم الخاصة أو في أماكن غير مخصصة للعمل مثل غرف الصلاة أو دورات المياه.
-
يجب أن يلتزم المصورون المفوضون بتعليمات صاحب العمل وبالغرض المحدد للتصوير، وألا يتجاوزوا الحدود المتفق عليها.
-
يجب أن تتضمن العقود المبرمة مع شركات التصوير الخارجية بنوداً واضحة تتعلق بحقوق الملكية الفكرية للصور، وسرية المعلومات، والتزامها بعدم استخدام المواد المصورة لأي غرض آخر غير المتفق عليه.
-
إن تفويض جهة متخصصة ومحترفة بالتصوير يضمن جودة المخرجات ويحمي الشركة من المشاكل التي قد تنجم عن التصوير العشوائي الذي يقوم به الموظفون غير المؤهلين.
عقوبات تصوير الاجتماعات أو المحادثات السرية
يعتبر تصوير أو تسجيل الاجتماعات والمحادثات التي تتسم بطابع السرية دون علم أو موافقة جميع الأطراف من أخطر أنواع انتهاك الخصوصية في بيئة العمل.
-
ينطبق على هذا الفعل بشكل مباشر نص المادة الثالثة من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية، حيث أنه يمثل مساساً واضحاً بالحياة الخاصة واعتداءً على سرية المحادثات.
-
تعتبر الاجتماعات التي تناقش فيها استراتيجيات الشركة، أو صفقاتها، أو مشاكلها الداخلية، أو شؤون الموظفين، ذات طبيعة سرية بطبيعتها، وتسجيلها دون إذن هو خيانة للأمانة.
-
إن عقوبة التصوير في مقر العمل بالسعودية في هذه الحالة تكون مشددة، وقد تصل إلى السجن لمدة سنة والغرامة التي تصل إلى خمسمائة ألف ريال، لأنها تجمع بين انتهاك الخصوصية وإفشاء أسرار العمل.
-
إذا تم استخدام هذا التسجيل لابتزاز أحد الحاضرين في الاجتماع أو للتشهير به، فإن ذلك يضيف جريمة أخرى إلى سجل الجاني ويزيد من تعقيد موقفه القانوني.
-
لا يقتصر التجريم على التصوير بالفيديو، بل يشمل أيضاً التسجيل الصوتي للمحادثات، فكلاهما يعتبر انتهاكاً لسرية الاتصالات التي كفلها النظام.
-
إذا كنت ترغب في توثيق ما يدور في اجتماع ما، فالطريقة الصحيحة هي تدوين الملاحظات الكتابية أو إعداد محضر اجتماع رسمي يوافق عليه جميع الحاضرين ويوقعون عليه.
-
لا يمكن استخدام التسجيل السري كدليل في المحكمة لصالح من قام به، بل على العكس، قد يصبح دليلاً ضده في جريمة انتهاك الخصوصية.
-
يجب على الموظفين أن يدركوا أن الثقة الممنوحة لهم لحضور اجتماع سري هي أمانة، وأن خيانة هذه الأمانة من خلال التسجيل السري هو فعل غير أخلاقي وجريمة يعاقب عليها القانون.
الفرق بين التصوير العلني والتصوير السري داخل العمل
الفرق بين التصوير العلني والسري هو فرق جوهري يحدد بشكل كبير مدى مشروعية الفعل والعقوبات المترتبة عليه، ويكمن الاختلاف الرئيسي في عنصري العلم والموافقة.
-
التصوير العلني هو الذي يتم بعلم وموافقة الشخص المصوَّر، كأن يطلب موظف من زميله التقاط صورة له، أو أن تقوم الشركة بتصوير حفل تكريم للموظفين بعد إعلان ذلك.
-
في التصوير العلني، تكون النية واضحة والغرض غالباً ما يكون مشروعاً، وتنتفي فيه شبهة انتهاك الخصوصية لأن الشخص قد وافق ضمناً أو صراحةً على تصويره.
-
مع ذلك، حتى التصوير العلني له حدود، فموافقة الشخص على التقاط صورته لا تعني بالضرورة موافقته على نشرها أو استخدامها تجارياً، ما لم يتم الاتفاق على ذلك صراحة.
-
أما التصوير السري، فهو الذي يتم خلسة ودون علم أو موافقة الشخص المصوَّر. وهذا النوع هو الذي يشكل في معظم الحالات جريمة المساس بالحياة الخاصة.
-
يتم التصوير السري غالباً بنية سيئة، كأن يكون الهدف هو التجسس، أو جمع معلومات، أو الإيقاع بشخص ما، أو التقاط صور له في أوضاع محرجة لاستخدامها ضده لاحقاً.
-
يعتبر القانون أن التصوير السري هو اعتداء مباشر على حق الإنسان في خصوصيته، ولذلك فإن العقوبات المترتبة عليه تكون صارمة ورادعة.
-
إن استخدام الكاميرات الخفية أو تشغيل تسجيل الفيديو على الهاتف وتركه في مكان ما لتصوير ما يحدث دون علم الحاضرين هو مثال واضح على التصوير السري المجرم قانوناً.
-
لتجنب أي شبهة، يجب أن يكون التصوير دائماً واضحاً وعلنيا، وأن يتم بعد استئذان الأشخاص المعنيين، فهذا هو السلوك الأخلاقي والقانوني الصحيح.
متى يحق لصاحب العمل معاقبة الموظف الذي يصور؟
يمتلك صاحب العمل الحق في فرض عقوبات تأديبية على الموظف الذي يقوم بالتصوير داخل مقر العمل في حالات محددة، وذلك وفقاً لنظام العمل واللائحة الداخلية للمنشأة.
-
يحق لصاحب العمل معاقبة الموظف إذا كان التصوير يخالف سياسة مكتوبة ومعلنة ومبلغة لجميع الموظفين تمنع أو تقيد التصوير داخل مرافق الشركة.
-
إذا قام الموظف بتصوير أسرار العمل أو وثائقه، فيحق لصاحب العمل معاقبته بعقوبة تصل إلى الفصل من العمل بموجب المادة (80) من نظام العمل، لأن ذلك يعتبر إخلالاً بالتزام جوهري.
-
إذا أدى تصوير الموظف إلى الإضرار بسمعة المنشأة أو التشهير بها أو بأحد العاملين فيها، فيحق لصاحب العمل معاقبته على الأضرار التي تسبب بها.
-
إذا كان التصوير سبباً في إثارة المشاكل والنزاعات بين الموظفين والتأثير سلباً على بيئة العمل، فيمكن معاقبة الموظف المتسبب في ذلك.
-
يجب على صاحب العمل قبل إيقاع العقوبة أن يقوم بالتحقيق مع الموظف، وسماع أقواله، ومنحه فرصة للدفاع عن نفسه، وذلك وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في نظام العمل.
-
يجب أن تتدرج العقوبات التأديبية التي يفرضها صاحب العمل، فتبدأ بالإنذار الكتابي، ثم الخصم من الراتب، ثم الحرمان من العلاوة، وتصل إلى الفصل في الحالات الجسيمة.
-
لا يحق لصاحب العمل معاقبة الموظف على فعل لم تنص عليه لائحة الجزاءات المعتمدة في المنشأة، أو على فعل لم يثبت ارتكابه له.
-
في حال وجود أي نزاع حول مشروعية العقوبة، فإن مكتب فيصل الحارثي للمحاماة يقدم خدماته لكل من أصحاب العمل والموظفين لضمان تطبيق الأنظمة بشكل عادل وصحيح.
في الختام، لم يعد التصوير في مقر العمل مسألة عفوية أو بسيطة، بل أصبح سلوكاً محاطاً بالعديد من الضوابط القانونية والأخلاقية. إن عقوبة التصوير في مقر العمل بالسعودية هي عقوبة حقيقية ورادعة، تعكس حرص المنظم على حماية أقدس الحقوق وهي الخصوصية، بالإضافة إلى حماية أسرار المنشآت التي هي عصب الاقتصاد. إن التوازن بين حقوق الموظفين في الخصوصية وحق صاحب العمل في حماية مصالحه هو معادلة دقيقة يتطلب تحقيقها وعياً قانونياً من جميع الأطراف.
إذا كنت صاحب عمل وترغب في صياغة سياسة داخلية محكمة تنظم عملية التصوير وتتوافق مع الأنظمة السعودية، أو إذا كنت موظفاً تعرضت لانتهاك خصوصيتك بالتصوير دون إذن، أو تواجه اتهاماً يتعلق بهذه المسألة، فإن التصرف السريع والحصول على مشورة قانونية متخصصة هو خطوتك الأهم.
في مكتب فيصل الحارثي للمحاماة، ندرك تماماً حساسية وتعقيدات هذه القضايا. فريقنا من المحامين والمستشارين الخبراء في نظام العمل ونظام مكافحة الجرائم المعلوماتية على أهبة الاستعداد لتقديم الدعم والمشورة التي تحتاجها. سندرس قضيتك بعناية، ونوضح لك حقوقك والتزاماتك، ونمثلك أمام الجهات المختصة بكل كفاءة واحترافية لحماية مصالحك.
لا تترك نفسك في مواجهة المجهول. اتخذ الخطوة الصحيحة الآن لحماية حقوقك ومستقبلك المهني. تواصل معنا للحصول على استشارة قانونية موثوقة. اتصل على: +966 54 124 4411