عقوبة التلفظ على شخص

عقوبة التلفظ على شخص

عقوبة التلفظ على شخص


تعتبر الكلمة أساس التعامل بين البشر، فهي إما أن تبني جسورًا من المودة والاحترام، أو تهدمها بعبارات جارحة تترك ندوبًا في النفس قد لا يمحوها الزمن. وفي مجتمع يقدّر الكرامة الإنسانية ويحفظ الحقوق كالمجتمع السعودي، فإن التعدي على الآخرين بالألفاظ المسيئة ليس مجرد سلوك مشين، بل هو فعل مجرّم يعاقب عليه النظام والقانون. لقد كفلت الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية في المملكة العربية السعودية كرامة الفرد وحرمة عرضه، ووضعت حدودًا واضحة لمن يتجاوزها.

إن معرفة عقوبة التلفظ على شخص أصبحت ضرورة ملحة في ظل انتشار وسائل التواصل التي سهّلت، للأسف، على البعض إطلاق العنان لألسنتهم بالسب والشتم والتشهير دون إدراك للعواقب الوخيمة. يهدف هذا المقال، المقدم من مكتب فيصل الحارثي للمحاماة، إلى أن يكون مرجعك القانوني لفهم أبعاد جريمة الاعتداء اللفظي، وبيان العقوبات المقررة لها، وتوضيح الإجراءات التي يجب اتخاذها للحصول على حقك ورد اعتبارك أمام القضاء.

💬 اطلب استشارة مجانية

عقوبة التلفظ على شخص في السعودية

إن المنظومة القانونية في المملكة العربية السعودية، المستمدة من أحكام الشريعة الإسلامية السمحة والأنظمة الوضعية، تولي أهمية قصوى لحماية كرامة الأفراد وأعراضهم من أي انتهاك. لذلك، فإن عقوبة التلفظ على شخص ليست مجرد إجراء عقابي، بل هي رسالة واضحة بأن كرامة الإنسان خط أحمر لا يجوز تجاوزه، وأن النظام يقف بحزم في وجه كل من تسول له نفسه المساس بالآخرين قولًا أو فعلًا.

  • تستند عقوبة التلفظ على شخص في السعودية إلى أساسين متينين: الأول هو الشريعة الإسلامية التي تحرم الغيبة والنميمة واللمز والسب، والثاني هو الأنظمة التي أصدرها ولي الأمر لتنظيم العلاقات وحماية الحقوق، وأبرزها نظام مكافحة جرائم المعلوماتية.
  • يشمل مفهوم التلفظ كل ما يصدر عن الإنسان من قول يمكن أن يسبب أذى أو إهانة للغير، سواء كان ذلك بشكل مباشر وجهًا لوجه، أو عبر الهاتف، أو من خلال الرسائل النصية، أو في منشورات علنية عبر شبكة الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي المختلفة.
  • لا يفرق النظام في حمايته بين مواطن ومقيم، فالحق في الكرامة مكفول للجميع على أرض المملكة، وأي اعتداء لفظي يقع ضمن نطاق السلطة القضائية السعودية يخضع للعقوبات المقررة نظامًا.
  • تهدف فلسفة التجريم في هذا السياق إلى الحفاظ على السلم الاجتماعي، ومنع انتشار البغضاء والكراهية بين أفراد المجتمع، وضمان بيئة يسودها الاحترام المتبادل، سواء في الواقع الفعلي أو في الفضاء الرقمي.
  • إن مجرد الشعور بالغضب أو الاختلاف في الرأي لا يمنح أي شخص الحق في استخدام ألفاظ مسيئة أو جارحة، فالنظام قد وضع قنوات مشروعة للتعبير عن الرأي والنقد البناء بما لا يمس كرامة الآخرين أو يشهر بهم.
  • تختلف شدة العقوبة باختلاف طبيعة الألفاظ والوسيلة المستخدمة والضرر الناتج، وهو ما يجعل كل قضية اعتداء لفظي حالة فريدة ينظر إليها القضاء بظروفها وملابساتها الخاصة لتقدير العقوبة العادلة والرادعة.

ما هو تعريف السب والشتم؟

لفهم الأبعاد القانونية لجريمة الاعتداء اللفظي، لا بد أولًا من تحديد المعنى الدقيق لمصطلحي السب والشتم في السياق النظامي السعودي. إن تعريف السب والشتم هو نقطة الانطلاق لتحديد ما إذا كان لفظ معين يرقى لمرتبة الجريمة الموجبة للعقاب، وهو ما يميز بين مجرد النقد المباح والتجريح المحظور الذي تترتب عليه عقوبة التلفظ على شخص.

  • السب: هو كل لفظ أو عبارة صريحة أو ضمنية تحمل في طياتها إهانة أو تحقيرًا أو خدشًا لشرف واعتبار شخص آخر، دون أن تصل إلى درجة اتهامه بالزنا أو نفي نسبه، كأن يصفه بصفات مهينة تتعلق بسلوكه أو أمانته أو شكله.
  • الشتم: غالبًا ما يستخدم كمصطلح مرادف للسب، ويشمل كل أشكال الألفاظ النابية والبذيئة التي يكون القصد منها هو الحط من كرامة الشخص المجني عليه وإشعاره بالدونية والإذلال أمام نفسه أو أمام الآخرين.
  • الغاية من التجريم: يهدف النظام من تجريم السب والشتم إلى حماية “الشرف والاعتبار” كأحد الحقوق اللصيقة بالشخصية الإنسانية، والتي لا يجوز المساس بها تحت أي ظرف، فسمعة الإنسان جزء لا يتجزأ من كيانه.
  • صورة الفعل: يمكن أن يقع السب والشتم بشكل مباشر في مواجهة صريحة، أو بشكل غير مباشر عبر وسائل الاتصال المختلفة مثل المكالمات الهاتفية المسجلة، أو بشكل علني وهو الأخطر عبر منصات التواصل الاجتماعي التي تضمن انتشار الإساءة على نطاق واسع.
  • الركن المادي للجريمة: يتحقق هذا الركن بمجرد التلفظ بالعبارات المسيئة أو كتابتها أو تصميم صورة أو مقطع مرئي يحمل الإهانة، ونشرها بأي وسيلة كانت، بحيث تصل إلى علم المجني عليه أو إلى علم مجموعة من الناس.
  • الركن المعنوي للجريمة: يتمثل هذا الركن في توفر القصد الجنائي لدى الجاني، أي أن يكون مدركًا وعالمًا بأن الألفاظ التي يتفوه بها تمثل إهانة وتحقيرًا للمجني عليه، وأن تتجه إرادته الحرة إلى توجيه هذه الإهانة وتحقيق نتيجتها.
  • الفرق الجوهري عن النقد المباح: يختلف السب والشتم اختلافًا جذريًا عن النقد المباح الموجه للأعمال أو الأفكار أو القرارات، فالنقد الموضوعي يهدف إلى التقويم والإصلاح ولا يتعدى إلى شخص صاحبه، بينما السب يترك العمل أو الفكرة ليوجه سهامه مباشرة إلى شخص الفرد بهدف التجريح والإهانة.
  • أمثلة توضيحية: قول “قرارك الإداري خاطئ” يعتبر نقدًا، بينما قول “أنت مدير فاشل وأحمق” يعتبر سبًا وشتمًا، وهذا الخيط الرفيع هو ما يميز بين حرية التعبير والتعدي على حقوق الآخرين.

ما هي عقوبة التلفظ على شخص؟

إن مجرد التلفظ بكلمات مسيئة تجاه شخص آخر هو فعل مستقل بحد ذاته، وله عقوبته المقررة في النظام السعودي حتى لو لم يتم نشره على الملأ في فضاء الإنترنت. إن فهم طبيعة عقوبة التلفظ على شخص يساعد على إدراك أن النظام يحمي الفرد حتى في المواجهات الخاصة التي قد لا يطلع عليها الجمهور، ولكنها تترك أثرًا نفسيًا ومعنويًا على الضحية.

  • عقوبة تعزيرية مرسلة: تعتبر عقوبة التلفظ على شخص في السعودية في صورتها البسيطة (غير الإلكترونية) عقوبة تعزيرية، وهذا المصطلح يعني أنها غير مقدرة بنص شرعي أو نظامي محدد، وتخضع للسلطة التقديرية الواسعة للقاضي ناظر القضية.
  • العوامل المؤثرة في تقدير القاضي للعقوبة: يقوم القاضي بتقدير العقوبة المناسبة بناءً على دراسة متعمقة لعدة عوامل، منها: مدى فداحة وبذاءة الألفاظ المستخدمة، والمركز الاجتماعي والمكانة الاعتبارية للمجني عليه، والظروف والملابسات التي قيلت فيها العبارات، وما إذا كان هناك استفزاز مسبق من قبل المجني عليه أدى إلى ردة الفعل، وسوابق الجاني.
  • أشكال العقوبة التعزيرية الممكنة: يمكن أن تتخذ العقوبة التعزيرية التي يحكم بها القاضي عدة أشكال، وقد يحكم بواحدة منها أو يجمع بين أكثر من عقوبة، وتشمل: التوبيخ واللوم في الجلسة، أو أخذ تعهد مشدد على الجاني بعدم تكرار الفعل مستقبلًا، أو فرض غرامة مالية تودع في خزينة الدولة، أو الحكم بالجلد (في حالات محددة ووفق ضوابط صارمة جدًا)، أو الحكم بالسجن لمدة يراها القاضي كافية لتأديب الجاني وردع غيره.
  • التلفظ في بيئة العمل: إذا وقع التلفظ على زميل أو رئيس في مكان العمل، فقد يترتب على الجاني بالإضافة إلى العقوبة القضائية التي تحكم بها المحكمة، جزاءات تأديبية إدارية توقعها عليه جهة عمله، قد تبدأ بالإنذار الكتابي وتصل إلى الحسم من الراتب أو حتى الفصل من العمل وفقًا لما تنص عليه لائحة تنظيم العمل الداخلية للمنشأة.
  • الظروف المشددة للعقوبة: يميل القضاة بطبيعة الحال إلى تشديد العقوبة إذا كان التلفظ قد وقع في ظروف معينة تزيد من بشاعة الجرم، كأن يكون الاعتداء اللفظي موجهًا إلى موظف عام أثناء تأدية وظيفته (مثل طبيب في مستشفى أو معلم في فصله)، أو على رجل أمن، أو في حالة الاعتداء اللفظي على أحد الوالدين (العقوق)، أو إذا كان الجاني في حالة سكر بيّن.
  • عبء الإثبات في قضايا التلفظ: يقع عبء إثبات واقعة التلفظ على المدعي (المجني عليه)، ويمكن إثباتها بكافة طرق الإثبات المعتبرة شرعًا ونظامًا، وأقواها شهادة الشهود العدول الذين سمعوا الواقعة بأم أعينهم، أو إقرار المدعى عليه الصريح، أو وجود تسجيلات صوتية (والتي تخضع لضوابط وشروط لقبولها كدليل في المحكمة).
  • أهمية الاستشارة القانونية المتخصصة: نظرًا للطبيعة التقديرية الواسعة للعقوبة، فإن الاستعانة بمحامٍ خبير، مثل فريق مكتب فيصل الحارثي للمحاماة، يعد أمرًا ضروريًا لتقديم الحجج والبراهين التي تقنع القاضي بمدى الضرر النفسي والمعنوي البالغ الذي وقع على المجني عليه، وبالتالي الدفع نحو الحكم بعقوبة رادعة وعادلة تحقق الإنصاف.

عقوبة السب والشتم في السعودية

عندما يتجاوز الاعتداء اللفظي حدود المواجهة الخاصة وينتقل إلى الفضاء الرقمي، فإنه يكتسب خطورة مضاعفة نظرًا لسرعة انتشاره وبقائه في سجلات الإنترنت، وهنا تصبح العقوبة أكثر تحديدًا وشدة. إن عقوبة التلفظ على شخص عندما تتم عبر الإنترنت أو تطبيقات التواصل الاجتماعي تندرج بشكل مباشر ضمن أحكام نظام مكافحة جرائم المعلوماتية.

  • نظام مكافحة جرائم المعلوماتية هو المظلة القانونية: يعتبر هذا النظام هو الإطار القانوني الأساسي الذي يحكم جرائم السب والشتم والتشهير التي تقع باستخدام الشبكة المعلوماتية أو الحاسب الآلي أو الهواتف الذكية وتطبيقاتها المختلفة.
  • العقوبة المحددة في نص النظام: تنص المادة الثالثة في فقرتها الخامسة من نظام مكافحة جرائم المعلوماتية بشكل صريح على معاقبة كل من يقوم بـ “التشهير بالآخرين، وإلحاق الضرر بهم، عبر وسائل تقنية المعلومات المختلفة”.
  • مقدار العقوبة النظامية: حدد المنظم عقوبة واضحة لهذه الجريمة، وهي السجن لمدة لا تزيد على سنة، وبغرامة مالية لا تزيد على خمسمائة ألف ريال سعودي، أو بإحدى هاتين العقوبتين، مما يعكس جدية المشرع في التعامل مع هذه الجرائم.
  • شروط تطبيق هذه العقوبة: لتطبيق هذه العقوبة المشددة، يجب أن يكون السب والشتم قد تم باستخدام وسيلة تقنية (مثل تطبيق تويتر، واتساب، سناب شات، فيسبوك، تيك توك، أو حتى في التعليقات على المواقع الإخبارية والمدونات)، وأن يكون القصد من هذا الفعل هو التشهير بالمجني عليه والإضرار بسمعته ومكانته.
  • شمولية التجريم لتشمل المشاركين: لا تقتصر المسؤولية الجنائية على الشخص الذي أنشأ التغريدة أو المنشور المسيء في المرة الأولى، بل يمكن أن تمتد لتشمل كل من ساهم في انتشار هذه الإساءة، كمن يقوم بإعادة التغريد أو المشاركة  للمنشور المسيء وهو عالم بمحتواه وبقصد الإساءة، حيث يمكن اعتباره شريكًا في الجريمة بموجب القواعد العامة للمسؤولية الجنائية.
  • ازدواجية الحق (العام والخاص): يجب فهم أن العقوبة المذكورة في النظام (السجن والغرامة) تمثل “الحق العام”، أي حق المجتمع والدولة في العقاب، وهذه العقوبة لا تسقط حتى لو تنازل المجني عليه. وبجانبها، يبقى للمجني عليه “الحق الخاص” وهو حقه في رفع دعوى مستقلة للمطالبة بتعويض مالي عن الأضرار المادية والمعنوية التي أصابته.
  • خطورة الجريمة الرقمية: ينظر النظام والقضاء إلى جريمة السب والشتم عبر الإنترنت بجدية بالغة نظرًا لعدة عوامل، منها: سرعة انتشارها بشكل هائل، وصعوبة السيطرة عليها أو حذفها بشكل كامل، وحجم الضرر الواسع الذي يمكن أن تلحقه بسمعة الشخص وعائلته وحياته المهنية في غضون دقائق معدودة.

كيفية رفع شكوى اعتداء لفظي

إن معرفة الإجراءات الصحيحة والمتسلسلة لرفع الشكوى هو السلاح الأول في يد المجني عليه للحصول على حقه ورد اعتباره. إن اتباع المسار القانوني السليم من البداية يضمن عدم ضياع الأدلة، ويسهل عمل الجهات الأمنية والتحقيقية، ويسرّع في الوصول إلى المحكمة لتوقيع عقوبة التلفظ على شخص في السعودية على المعتدي.

  • الخطوة الأولى والحاسمة: جمع وتوثيق الأدلة: قبل اتخاذ أي إجراء رسمي، يجب عليك توثيق الأدلة بشكل فوري واحترافي. إذا كان الاعتداء قد تم عبر الإنترنت أو تطبيقات التواصل، قم بأخذ لقطات شاشة (سكرين شوت) واضحة للمحادثة أو المنشور المسيء، ويجب أن تظهر اللقطة بوضوح اسم الحساب أو رقم الهاتف الخاص بالمعتدي، وتاريخ ووقت النشر، ومحتوى الإساءة كاملاً. إذا كان الاعتداء مباشرًا، حاول تأمين شهود محايدين للواقعة وتدوين أسمائهم وأرقام هواتفهم.
  • الخطوة الثانية: تقديم البلاغ الرسمي في مركز الشرطة: الإجراء الرسمي الأول هو التوجه إلى أقرب مركز شرطة لموقع سكنك أو لمكان وقوع الجريمة، وتقديم بلاغ رسمي مفصل بالواقعة. قم بتقديم جميع الأدلة التي بحوزتك (صور الشاشة مطبوعة، أسماء الشهود) لمسؤول البلاغات، الذي سيقوم بتدوين أقوالك في محضر رسمي وإعطائك رقمًا للبلاغ لمتابعته.
  • الخطوة الثالثة: استخدام القنوات الإلكترونية للإبلاغ: في حال كان الاعتداء إلكترونيًا، توفر وزارة الداخلية قنوات سريعة وفعالة للإبلاغ، أبرزها تطبيق “كلنا أمن” الذي يمكنك من خلاله رفع بلاغ جريمة معلوماتية مدعوم بالصور والأدلة مباشرة من هاتفك، أو عبر منصة “أبشر” التي تتيح خدمة تقديم بلاغات الجرائم الإلكترونية.
  • الخطوة الرابعة: مرحلة التحقيق في النيابة العامة: بعد اكتمال إجراءات جمع الاستدلالات الأولية في مركز الشرطة، يتم إحالة ملف القضية بالكامل إلى النيابة العامة، التي تعتبر الجهة المخولة نظامًا بالتحقيق في الجريمة وتوجيه الاتهام الرسمي للمشكو في حقه.
  • الخطوة الخامسة: متابعة القضية في النيابة: ستقوم النيابة العامة باستدعائك كمدعٍ لسماع أقوالك بشكل تفصيلي وتدوينها. كما ستقوم باستدعاء المشكو في حقه ومواجهته بالأدلة والتحقيق معه. هذه المرحلة حاسمة وقد تنتهي بحفظ القضية لعدم كفاية الأدلة، أو بإصدار قرار اتهام وإحالتها للمحكمة.
  • الخطوة السادسة: رفع الدعوى أمام المحكمة الجزائية: بعد إحالة القضية للمحكمة، ستحتاج إلى رفع دعوى الحق الخاص للمطالبة بالتعويض المادي والمعنوي ورد الاعتبار. يتطلب هذا الأمر صياغة “صحيفة دعوى” قانونية سليمة تشتمل على كافة وقائع الدعوى والأدلة والطلبات.
  • الخطوة السابعة والأهم: توكيل محامٍ متخصص: نظرًا لأن الإجراءات السابقة تتطلب دقة قانونية ومعرفة بالأنظمة ومتابعة مستمرة قد تكون مرهقة للشخص العادي، فإن توكيل محامٍ متخصص مثل فريق مكتب فيصل الحارثي للمحاماة يعد خطوة جوهرية لا غنى عنها. سيتولى المحامي متابعة القضية بدءًا من الشرطة ومرورًا بالنيابة ووصولًا إلى المحكمة، ويضمن تقديم الدعوى والمرافعات بشكل احترافي، والمطالبة بعقوبة رادعة وتعويض عادل ومناسب لحجم الضرر.

ما هي عقوبة القذف شرعاً؟

يجب على كل فرد في المجتمع أن يميز بدقة بين جريمة السب وجريمة القذف، فالقذف يعتبر من كبائر الذنوب في الإسلام وجريمة من أشد الجرائم خطورة، ولذلك فقد خصصت لها الشريعة الإسلامية عقوبة محددة وثابتة لا تخضع لتقدير القاضي. إن عقوبة القذف الشرعية تسمى “حدًا”، وهو ما يوضح مدى خطورة هذه الجريمة وعظيم أثرها على أعراض الناس وأنسابهم وسمعتهم.

  • التعريف الشرعي الدقيق للقذف: القذف في الاصطلاح الشرعي والقانوني هو الرمي الصريح لشخص بالزنا أو اللواط، أو نفي نسبه عن أبيه دون بينة. كأن يقول رجل لامرأة عفيفة “يا زانية”، أو يقول لرجل “يا ابن الزنا”، أو يقول له “أنت لست ابن أبيك”.
  • عقوبة القذف الحدية المقدرة بالنص القرآني: عقوبة القذف هي حد شرعي مقدر بنص قرآني قطعي الثبوت والدلالة، وهي ثمانون جلدة، وذلك لقوله تعالى في سورة النور: “وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ”.
  • الشروط الدقيقة لإقامة الحد: لا يتم تطبيق حد القذف إلا بتوفر شروط دقيقة جدًا في كل من القاذف والمقذوف وصيغة القذف نفسها، وذلك درءًا للحدود بالشبهات. ومن هذه الشروط أن يكون القاذف عاقلًا بالغًا مختارًا، وأن يكون المقذوف مسلمًا عفيفًا لم يسبق له ارتكاب الفاحشة، وأن تكون صيغة القذف صريحة وواضحة لا تحتمل أي تأويل أو معنى آخر.
  • العقوبة التبعية: عدم قبول الشهادة: بالإضافة إلى عقوبة الجلد الجسدية، يعاقب القاذف بعقوبة تبعية معنوية خطيرة، وهي عدم قبول شهادته أمام المحاكم في أي قضية مستقبلًا، لأنه قد وُصف بالفسق في نص الآية الكريمة، ما لم يتب توبة نصوحًا بشروطها.
  • الحالات التي يسقط فيها الحد: يسقط حد القذف عن الجاني في حالات محددة، منها: إذا أتى القاذف بالبينة الشرعية الكاملة وهي أربعة شهداء عدول يشهدون على صحة ما قذف به، أو إذا عفا المجني عليه (المقذوف) عن حقه في إقامة الحد، أو في حالة اللعان بين الزوجين عندما يقذف الزوج زوجته.
  • الاختصاص القضائي بالنظر في قضايا القذف: تختص المحاكم الجزائية في المملكة العربية السعودية بالنظر في قضايا القذف، ويقوم القضاة بالتدقيق الشديد في أركان الدعوى وشروطها قبل الحكم بتطبيق الحد الشرعي.
  • جريمة لا يمكن الاستهانة بها: يوضح هذا التشديد الكبير من الشريعة الإسلامية في عقوبة القذف مدى حرصها على حماية أعراض المسلمين وسمعتهم وأنسابهم، وقطع الطريق على مروجي الشائعات ومنتهكي الحرمات الذين يسعون لإشاعة الفاحشة في المجتمع.

هل السب يعتبر من القذف؟

من الأهمية بمكان ومن ضروريات الثقافة القانونية لدى أي فرد، التفريق الدقيق والواضح بين مصطلحي السب والقذف، حيث أن الخلط بينهما قد يؤدي إلى فهم خاطئ تمامًا لطبيعة الجريمة المرتكبة والعقوبة المترتبة عليها. إن السب لا يرقى دائمًا إلى مرتبة القذف، ولكل منهما تكييفه القانوني الخاص وعقوبته المستقلة، وهو فارق جوهري في أي دعوى قضائية تتعلق بـ عقوبة التلفظ على شخص.

  • القاعدة الفقهية والقانونية: القذف أخص من السب: القاعدة التي يفهمها رجال القانون جيدًا هي أن “كل قذف هو بالضرورة سب، ولكن ليس كل سب يعتبر قذفًا”. فالقذف هو دائرة صغيرة ومتخصصة داخل دائرة السب الأوسع والأشمل.
  • الفارق الجوهري يكمن في موضوع الاتهام: الفارق الأساسي الذي يميز بين الجريمتين يكمن في موضوع الاتهام نفسه؛ فالقذف محصور بشكل صارم وحصري في الاتهام المباشر والصريح بالزنا أو اللواط (الفاحشة)، أو في نفي النسب. أما السب فهو يشمل أي لفظ آخر يحمل إهانة أو تحقيرًا.
  • التباين الجذري في طبيعة العقوبة: كما ذكرنا، فإن عقوبة القذف هي “حد” شرعي مقدر وثابت (ثمانون جلدة)، وهو حق خالص للمجني عليه يمكنه العفو عنه. بينما عقوبة التلفظ على شخص بالسب والشتم هي “تعزير” تخضع للسلطة التقديرية للقاضي، وتتضمن حقًا عامًا لا يسقط بعفو المجني عليه.
  • أمثلة عملية على السب: من الأمثلة الشائعة على السب التي لا تعتبر قذفًا قول: “يا كذاب”، “يا سارق”، “يا نصاب”، “يا خائن للأمانة”، “يا جاهل”، “يا غبي”، “يا مرتشي”، “يا حقير”. كل هذه الألفاظ تعتبر إهانة وجرائم سب موجبة للتعزير، لكنها لا تصل أبدًا إلى مرتبة القذف الموجب للحد.
  • أمثلة عملية على القذف: من الأمثلة الصريحة على القذف التي تستوجب الحد قول: “يا زاني”، أو “فلانة زانية”، أو “لقد رأيتك تزني”، أو قول الرجل لابنه “أنت لست ابني” (بمعنى أنه ابن زنا). هذه العبارات تمس العرض والشرف بشكل مباشر وتستوجب تطبيق حد القذف.
  • أهمية التفريق عند رفع الدعوى القضائية: تظهر الأهمية العملية لهذا التفريق عند رفع الدعوى أمام المحكمة، حيث يجب على المدعي أو محاميه تكييف القضية بشكل صحيح. فالمطالبة بتطبيق حد القذف في قضية هي في حقيقتها مجرد سب، سيؤدي حتمًا إلى رفض المحكمة للطلب المتعلق بالحد، وقد يضعف من موقف المدعي بشكل عام.
  • الدور الحاسم للمحامي الخبير: المحامي الخبير والمتمرس في القضايا الجزائية هو الشخص القادر على تحليل الألفاظ المستخدمة في الواقعة بدقة، وتحديد ما إذا كانت تشكل جريمة سب تستوجب عقوبة تعزيرية وتعويضًا، أم أنها ترقى لتكون جريمة قذف تستوجب المطالبة بالحد الشرعي، وبالتالي بناء لائحة الدعوى على أساس قانوني سليم وقوي.

في نهاية المطاف، سواء كان الاعتداء اللفظي الذي تعرضت له سبًا أو شتمًا أو قذفًا، فإنه يظل فعلًا مرفوضًا ومنبوذًا، وجريمة يعاقب عليها القانون السعودي بحزم وقوة. إن كرامة الإنسان ليست سلعة قابلة للتداول أو الانتقاص، وقد وفر لك النظام كافة السبل القانونية لحمايتها وردع كل من يحاول المساس بها.

إذا تعرضت لأي شكل من أشكال الاعتداء اللفظي، فلا تتردد أبدًا في المطالبة بحقك. إن صمتك أو تجاهلك للأمر هو بمثابة ضوء أخضر للمعتدي للتمادي في غيه والإساءة لآخرين. فريقنا في مكتب فيصل الحارثي للمحاماة يمتلك الخبرة العميقة والدراية الكاملة للتعامل مع قضايا السب والقذف والتشهير بكافة أشكالها، ونحن على أتم الاستعداد لتقديم الدعم القانوني الكامل لك في كل خطوة على الطريق، بدءًا من تقديم الشكوى ومتابعتها في النيابة العامة، وانتهاءً بالمرافعة أمام المحكمة حتى صدور الحكم النهائي الذي يعيد لك اعتبارك وينصفك.

لا تسمح لأحد بأن ينال من كرامتك بكلمة جارحة. تواصل معنا اليوم للحصول على استشارة قانونية تحمي حقوقك وتوضح لك الطريق. اتصل بنا على الرقم: +966 54 124 4411

التعليقات معطلة.