عقوبة الضرب على الوجه في السعودية

عقوبة الضرب على الوجه في السعودية

عقوبة الضرب على الوجه في السعودية


إن كرامة الإنسان وسلامة جسده هي من أسمى الحقوق التي كفلتها الشريعة الإسلامية وصانتها الأنظمة في المملكة العربية السعودية. فالوجه ليس مجرد جزء من الجسد، بل هو رمز للهوية الإنسانية ومحل التكريم، وأي اعتداء عليه لا يمثل إيذاءً جسديًا فحسب، بل هو إهانة بالغة وامتهان للكرامة يترك ندوبًا نفسية عميقة قد تفوق في ألمها الجروح المادية. إن اللجوء إلى العنف، وخصوصًا توجيه الضربات إلى الوجه، هو سلوك مرفوض شرعًا ونظامًا، ويضع مرتكبه تحت طائلة المساءلة القانونية والعقوبات الرادعة.

قد يجد الكثيرون ممن يتعرضون لهذا النوع من الإيذاء أنفسهم في حيرة من أمرهم، يغمرهم الشعور بالظلم والألم، ولا يدركون حجم الحماية التي يوفرها لهم النظام أو كيفية المطالبة بحقهم ورد اعتبارهم. إن معرفة عقوبة الضرب على الوجه والإجراءات المتبعة في مثل هذه القضايا ليست مجرد ثقافة قانونية، بل هي أداة قوة تمكن الضحية من الدفاع عن نفسها ومنع تكرار العدوان. يسعى هذا المقال الشامل إلى تسليط الضوء على كافة الجوانب القانونية المتعلقة بهذه الجريمة، بدءًا من تعريفها وتوصيفها في النظام السعودي، ومرورًا بالعقوبات المقررة، وانتهاءً بالإجراءات العملية التي يجب اتخاذها، مؤكدًا على أن يد العدالة قادرة على الوصول لكل معتدٍ، وأن الاستعانة بالخبرة القانونية هي خطوتك الأولى نحو تحقيق الإنصاف.

💬 اطلب استشارة مجانية

عقوبة الضرب على الوجه في السعودية

ينظر المنظم السعودي إلى الاعتداء على الوجه بجدية بالغة نظرًا لما يمثله من إهانة خاصة تتجاوز مجرد الأذى الجسدي، وقد أفرد له اعتبارات خاصة في تقدير العقوبة.

  • تعتبر جريمة الضرب على الوجه من الجرائم التي يعاقب عليها النظام السعودي بعقوبات تعزيرية، يترك تقديرها للقاضي ناظر القضية بناءً على ظروف وملابسات كل حالة على حدة.
  • تستمد عقوبة الضرب على الوجه أساسها الشرعي من النهي النبوي الصريح عن هذا الفعل، حيث قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “إذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه”، وهو ما يجعل الفعل محرمًا شرعًا ومستوجبًا للعقوبة.
  • لا يوجد نص نظامي يحدد عقوبة ثابتة ومحددة لجريمة الضرب على الوجه، بل تخضع للسلطة التقديرية للقاضي الذي يراعي في حكمه عدة عوامل منها شدة الضربة، والأداة المستخدمة، والأثر الناتج عنها، ووجود إصابات أو عاهة مستديمة.
  • يمكن أن تتراوح العقوبة من السجن لمدد متفاوتة، إلى الجلد، إلى فرض غرامات مالية، أو قد يتم الجمع بين عقوبتين أو أكثر حسب ما يراه القاضي محققًا للردع والزجر.
  • تشتد عقوبة الضرب على الوجه بشكل كبير إذا نتج عن الضربة ضرر جسيم، مثل فقدان البصر، أو كسر في الأنف أو الفك، أو تشويه دائم في الوجه، حيث يمكن أن تصل العقوبة إلى السجن لسنوات طويلة بالإضافة إلى الحق الخاص المتمثل في الدية أو الأرش.
  • تعتبر هذه الجريمة من جرائم الحقين، الحق العام للدولة والمجتمع في حفظ الأمن، والحق الخاص للمجني عليه في التعويض ورد الاعتبار، ولا يسقط الحق العام بتنازل المجني عليه عن حقه الخاص.
  • يأخذ القاضي في اعتباره أيضًا العلاقة بين الجاني والمجني عليه، فإذا كان الضرب على الوجه واقعًا في سياق العنف الأسري، كضرب الزوج لزوجته أو الأب لابنه، فإنها تدخل ضمن نطاق نظام الحماية من الإيذاء الذي يفرض عقوبات إضافية.
  • إن إثبات وقوع الضرر النفسي والمعنوي الناتج عن الإهانة المترتبة على ضرب الوجه يعتبر عاملًا مهمًا في تقدير القاضي لشدة العقوبة، وهنا تبرز أهمية المحامي الخبير في إبراز هذا الجانب أمام المحكمة.
  • في مكتب فيصل الحارثي للمحاماة، نملك الخبرة العميقة في التعامل مع قضايا الاعتداء الجسدي، ونعمل على بناء قضية متكاملة لضمان توقيع أقصى عقوبة الضرب على الوجه التي يستحقها الجاني نظامًا.

عقوبة صفع الوجه في السعودية وفقًا للمادة رقم ١٣ من اللائحة التنفيذية لنظام الحماية من الإيذاء

أفرد نظام الحماية من الإيذاء اهتمامًا خاصًا بالأفعال التي تقع ضمن نطاقه، ومن ضمنها صفع الوجه، محددًا آلية واضحة للتعامل معها وفرض العقوبات.

  • نظام الحماية من الإيذاء هو نظام خاص يهدف إلى حماية أفراد المجتمع، وخصوصًا الفئات المستضعفة كالنساء والأطفال وكبار السن، من كافة أشكال العنف والاستغلال الجسدي والنفسي.
  • يعتبر صفع الوجه أو لطمه، والذي يُعرف بالكف، شكلاً من أشكال الإيذاء الجسدي الذي يندرج مباشرة تحت مظلة هذا النظام متى ما وقع في النطاق الذي يغطيه، كالأسرة أو علاقات الإعالة أو الكفالة.
  • تنص المادة الثالثة عشرة من نظام الحماية من الإيذاء على عقوبة محددة لمن يرتكب فعلاً من أفعال الإيذاء، وهي السجن لمدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على سنة، وغرامة مالية لا تقل عن خمسة آلاف ريال ولا تزيد على خمسين ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
  • تعتبر هذه العقوبة هي الحد الأدنى الذي يمكن أن يواجهه المعتدي في قضايا العنف الأسري التي تتضمن صفع الوجه، وهي لا تخل بحق المجني عليه في المطالبة بالحق الخاص.
  • تتميز هذه المادة بأنها وضعت حدًا أدنى للعقوبة، مما يمنع التساهل في مثل هذه الجرائم ويضمن وجود رادع حقيقي للمعتدين داخل الأسرة.
  • في حال تكرار فعل الإيذاء، تضاعف العقوبة المحكوم بها على الجاني، مما يعكس حرص المنظم على حماية الضحايا من العنف المستمر.
  • لا يقتصر تطبيق النظام على الضرب فقط، بل يشمل أي شكل من أشكال الاستغلال أو إساءة المعاملة الجسدية أو النفسية أو حتى الجنسية، مما يوفر حماية شاملة للضحية.
  • إن وجود نظام خاص مثل نظام الحماية من الإيذاء يعطي زخمًا وقوة إضافية عند رفع دعوى تتعلق بصفع الوجه، ويتطلب خبرة قانونية في كيفية توظيف مواده لصالح الضحية، وهو ما يتقنه محامو مكتب فيصل الحارثي للمحاماة.
  • من المهم معرفة أن هذه العقوبة المحددة في المادة 13 هي للحق العام، ولا تمنع القاضي من الحكم بتعويض مالي للمجني عليه عن الضرر الذي لحق به كحق خاص.

عقوبة الضرب في القانون السعودي

بشكل عام، تعتبر جرائم الضرب والاعتداء الجسدي من الأفعال المجرمة التي تستوجب عقوبات تعزيرية متنوعة تهدف إلى حماية أمن المجتمع وسلامة أفراده.

  • تُعرف جريمة الضرب في النظام السعودي بأنها كل فعل اعتداء يقع على جسم إنسان آخر عمدًا، ويترتب عليه إيلام المجني عليه أو المساس بسلامته الجسدية دون أن يصل إلى حد القتل.
  • تتفاوت عقوبة الضرب بشكل كبير جدًا بناءً على عدة معايير، أهمها جسامة الإصابة الناتجة عن الضرب ومدة الشفاء التي يحددها التقرير الطبي.
  • إذا كانت مدة الشفاء من الإصابة لا تتجاوز 21 يومًا، فإن القضية غالبًا ما تُصنف على أنها مضاربة بسيطة، وقد تكون العقوبة تعزيرية بسيطة مثل التعهد أو غرامة مالية أو جلد أو سجن لمدة قصيرة، حسب تقدير القاضي.
  • أما إذا تجاوزت مدة الشفاء 21 يومًا، أو نتج عن الضرب عاهة مستديمة، أو تم باستخدام أداة حادة أو سلاح، فإن الجريمة تصنف على أنها من الجرائم الكبيرة الموجبة للتوقيف، وتكون عقوبتها مشددة.
  • تنص المادة 11 من نظام الإجراءات الجزائية على أن الاعتداء عمدًا على ما دون النفس إذا نتج عنه زوال عضو أو تعطيل منفعته أو جزء منهما، أو إصابة مدة الشفاء منها تزيد على 21 يومًا، يعتبر جريمة كبيرة تستوجب التوقيف الفوري للمتهم.
  • يمكن أن تصل العقوبة في حالات الضرب المفضي إلى عاهة مستديمة إلى السجن لسنوات طويلة تصل إلى عشر سنوات، بالإضافة إلى الحق الخاص المتمثل في دية العضو أو أرش الجرح.
  • تعتبر ظروف ارتكاب الجريمة من العوامل المؤثرة في تشديد العقوبة، مثل وجود سبق إصرار وترصد، أو ارتكاب الجريمة من قبل عدة أشخاص (عصابة)، أو وقوعها على شخص ضعيف كطفل أو امرأة أو شخص من ذوي الإعاقة.
  • من المهم التأكيد على أن عقوبة الضرب لا تقتصر على الفعل الذي يترك أثرًا واضحًا، بل تشمل أي اعتداء جسدي يسبب ألمًا للمجني عليه، مثل الدفع بقوة أو الإمساك بعنف.
  • إن تحديد التوصيف القانوني الصحيح لجريمة الضرب، وما إذا كانت بسيطة أم من الجرائم الكبيرة، هو أمر فني يتطلب خبرة محامٍ متخصص لضمان عدم إفلات الجاني من العقوبة المستحقة.

التقرير الطبي في قضايا الضرب في السعودية

يعتبر التقرير الطبي هو حجر الزاوية والدليل المحوري الذي تبنى عليه قضايا الاعتداء الجسدي، وبدونه يصبح من الصعب جدًا إثبات وقوع الضرر وحجمه.

  • التقرير الطبي هو مستند رسمي يصدر من جهة طبية معتمدة (مستشفى حكومي أو مركز صحي)، ويقوم بوصف وتوثيق كافة الإصابات التي لحقت بالمجني عليه نتيجة الاعتداء.
  • يجب على ضحية الضرب التوجه فورًا إلى أقرب مركز شرطة لعمل محضر بالواقعة، ومن ثم الحصول على خطاب تحويل رسمي إلى المستشفى لإصدار التقرير الطبي.
  • يجب أن يكون التقرير الطبي مفصلاً ودقيقًا، وأن يشتمل على وصف كامل للإصابات (جروح، كدمات، كسور، سحجات)، وموقعها الدقيق في الجسم، وأبعادها، والأداة المحتمل استخدامها في إحداثها.
  • أهم معلومة يتضمنها التقرير الطبي هي تقدير “مدة الشفاء” اللازمة للإصابات، فهذه المدة هي التي تحدد مسار القضية وتصنيفها من الناحية الجنائية كما ذكرنا سابقًا.
  • كلما كان التقرير الطبي صادرًا في وقت قريب جدًا من وقت الاعتداء، كان أقوى كدليل، حيث يصعب على الطرف الآخر الادعاء بأن الإصابات ناتجة عن سبب آخر.
  • يعتبر التقرير الطبي بينة فنية لا يمكن للقاضي تجاهلها، ويعتمد عليها بشكل أساسي في تحديد مدى جسامة الاعتداء، وبالتالي في تقدير عقوبة الضرب على الوجه أو أي جزء آخر من الجسم.
  • في حال وجود إصابات داخلية أو نفسية، يجب الحرص على أن يتضمن التقرير الطبي الإشارة إليها وتوثيقها من قبل الأطباء المختصين.
  • يجب الاحتفاظ بالنسخة الأصلية من التقرير الطبي وتقديمها ضمن ملف القضية للنيابة العامة والمحكمة.
  • في مكتب فيصل الحارثي للمحاماة، نؤكد دائمًا على عملائنا أهمية الإسراع في الحصول على التقرير الطبي، ونقوم بتوجيههم بشأن كيفية التعامل مع هذا الإجراء لضمان الحصول على تقرير قوي يدعم موقفهم القانوني في دعوى المطالبة بتوقيع عقوبة الضرب على الوجه.

كم غرامة الكف في السعودية؟

“الكف” أو الصفع على الوجه هو فعل محدد له دلالات خاصة من الإهانة، ويتساءل الكثيرون عن وجود غرامة محددة لهذا الفعل.

  • لا يوجد في النظام السعودي نص يحدد “غرامة الكف” بمبلغ مقطوع وثابت، فالأمر لا يعامل كمخالفة مرورية لها قيمة محددة.
  • عقوبة الكف أو الصفع على الوجه هي عقوبة تعزيرية تقديرية، والغرامة المالية هي أحد أشكال هذه العقوبة التعزيرية التي يمكن للقاضي أن يحكم بها.
  • يخضع تقدير قيمة الغرامة، إن حكم بها القاضي، لنفس العوامل التي تؤثر في تقدير عقوبة الضرب على الوجه بشكل عام، مثل مكانة المعتدى عليه، وظروف الواقعة، ومدى الإهانة التي لحقت به.
  • قد يحكم القاضي بغرامة مالية لصالح خزينة الدولة كجزء من الحق العام، بالإضافة إلى حكمه بتعويض مالي للمجني عليه كجزء من الحق الخاص.
  • إذا وقع “الكف” ضمن نطاق العنف الأسري، فإنه يخضع للمادة 13 من نظام الحماية من الإيذاء، والتي نصت على غرامة تتراوح بين 5,000 و 50,000 ريال، وهنا تكون الغرامة أكثر تحديدًا.
  • في القضايا العامة خارج نطاق نظام الحماية من الإيذاء، قد تكون الغرامة أقل أو أكثر من ذلك بكثير، بناءً على تقدير القاضي الكامل لملابسات القضية.
  • من المهم فهم أن التركيز لا ينبغي أن يكون فقط على “غرامة الكف”، بل على مجمل العقوبات التي يمكن أن تفرض على الجاني، والتي قد تشمل السجن والجلد، بالإضافة إلى التعويض المالي المجزي للضحية.
  • إن المطالبة بالحق الخاص عن الضرر المعنوي والجسدي الناتج عن الكف يمكن أن يؤدي إلى الحصول على مبلغ تعويض يفوق أي غرامة قد تفرضها المحكمة للحق العام.

ما العقوبة القانونية في جرائم الضرب على الوجه في القانون السعودي؟

لتلخيص ما سبق، يمكن تحديد الإطار العام للعقوبات المحتملة في هذه الجرائم بشكل أكثر تحديدًا.

  • العقوبة التعزيرية (الحق العام): وهي العقوبة التي تفرضها المحكمة لمعاقبة الجاني وردع غيره، وتشمل:
    • السجن: تتراوح مدته من بضعة أيام في الحالات البسيطة إلى سنوات طويلة (قد تصل لعشر سنوات) في حالات الضرب المفضي إلى عاهة مستديمة أو التشويه.
    • الجلد: وهي عقوبة تعزيرية يمكن للقاضي أن يحكم بها، ويتم تحديد عدد الجلدات بناءً على جسامة الفعل.
    • الغرامة المالية: وهي مبلغ مالي يدفعه الجاني لخزينة الدولة.
  • الحق الخاص (حق المجني عليه): وهو الحق الذي يطالب به المجني عليه كتعويض له عن الضرر الذي لحق به، ويشمل:
    • الدية أو الأرش: وهي مبالغ مالية مقدرة شرعًا تدفع في حالات إتلاف الأعضاء أو تعطيل منافعها (مثل فقدان السمع أو البصر). الأرش هو تعويض عن الجروح التي لا تصل إلى حد إتلاف العضو.
    • التعويض عن الضرر المادي: ويشمل تكاليف العلاج، والأدوية، وفوات الربح نتيجة التغيب عن العمل بسبب الإصابة.
    • التعويض عن الضرر المعنوي: وهو تعويض عن الألم النفسي والإهانة والحط من الكرامة التي شعر بها المجني عليه نتيجة الضرب على وجهه، ويلعب المحامي دورًا كبيرًا في إثبات هذا الضرر والمطالبة به.
  • يمكن للمحكمة أن تحكم بعقوبات تبعية أخرى، مثل منع الجاني من السفر أو إلزامه بالخضوع لبرنامج تأهيلي أو نفسي.
  • في حال كان الجاني مقيمًا أجنبيًا، فقد يحكم عليه بالإبعاد عن المملكة بعد انتهاء مدة محكوميته كعقوبة تبعية.

هل يوجد حق عام في الضرب؟

يتساءل الكثيرون عما إذا كان يمكن للقضية أن تنتهي بمجرد تنازل الضحية، وهو ما يوضحه مفهوم الحق العام في هذه الجرائم.

  • نعم، تعتبر جرائم الضرب والاعتداء الجسدي، بما في ذلك الضرب على الوجه، من الجرائم التي تشمل حقًا عامًا للدولة والمجتمع.
  • الحق العام يعني أن النيابة العامة، بوصفها ممثلة للمجتمع، تتولى التحقيق في الجريمة وتوجيه الاتهام للمعتدي ومطالبة المحكمة بتوقيع العقوبة عليه، حتى لو تنازل المجني عليه عن حقه الخاص.
  • الهدف من الحق العام هو حماية أمن المجتمع واستقراره، وردع كل من تسول له نفسه الاعتداء على الآخرين، وضمان عدم انتشار الفوضى وشريعة الغاب.
  • تنازل المجني عليه عن حقه الخاص قد يكون سببًا لتخفيف العقوبة على الجاني في جانب الحق العام، ولكنه لا يلغيها بالكامل. يظل للقاضي السلطة التقديرية في فرض عقوبة تعزيرية مناسبة على الجاني تحقيقًا للردع.
  • في بعض الحالات البسيطة جدًا (المضاربات التي لا تتجاوز مدة الشفاء فيها 21 يومًا ولم تستخدم فيها أداة)، قد ترى النيابة العامة أو المحكمة الاكتفاء بتنازل المجني عليه إذا تحقق الصلح ولم يكن للجاني سوابق، ولكن هذا يخضع لتقدير الجهة القضائية.
  • أما في حالات الضرب الجسيم، أو الضرب على الوجه الذي فيه إهانة بالغة، أو الضرب الواقع ضمن نطاق العنف الأسري، فإن الحق العام يكون قائمًا بقوة ولا يمكن تجاهله.
  • إن فهم هذه النقطة ضروري، حيث يجب على الضحية ألا تشعر بالضغط للتنازل، مع علمها بأن النظام سيستمر في ملاحقة الجاني لمعاقبته على فعلته حماية للمجتمع.

هل يجوز ضرب الوجه دفاعا عن النفس؟

الدفاع الشرعي عن النفس هو حق مكفول نظامًا، ولكن هذا الحق مقيد بضوابط وشروط دقيقة لضمان عدم استغلاله للعدوان.

  • الدفاع عن النفس (الدفاع الشرعي) هو حق يبيح للشخص استخدام القوة اللازمة لرد اعتداء حال وغير مشروع يقع على نفسه أو ماله أو على نفس أو مال الغير.
  • لكي يكون الدفاع مشروعًا، يجب توافر عدة شروط، أهمها:
    • أن يكون هناك خطر حقيقي وحال، أي أن الاعتداء وشيك الوقوع أو قد بدأ بالفعل.
    • أن يكون الخطر غير مشروع، فلا يجوز الدفاع الشرعي ضد من يقوم بعمل مشروع (كرجل أمن يقبض على متهم).
    • أن يكون من المستحيل اللجوء إلى السلطات العامة لرد الخطر في الوقت المناسب.
    • أن يكون فعل الدفاع متناسبًا مع جسامة الخطر، فلا يجوز استخدام قوة مفرطة لرد اعتداء بسيط.
  • فيما يتعلق بضرب الوجه دفاعًا عن النفس، فإن الأمر يخضع لمبدأ التناسب. إذا كان المعتدي يهاجمك بقوة وقد يلحق بك أذى بليغًا، وكان ضربه على وجهه هو الوسيلة الوحيدة المتاحة والمناسبة لرد الخطر في تلك اللحظة، فقد يعتبر ذلك دفاعًا مشروعًا.
  • ولكن، إذا كان الاعتداء بسيطًا ويمكن رده بوسيلة أقل عنفًا (كدفع المعتدي بعيدًا)، فإن اللجوء إلى صفع الوجه أو توجيه لكمة قوية له قد يعتبر تجاوزًا لحدود الدفاع الشرعي، ويصبح المدافع مسؤولاً عن هذا التجاوز.
  • إثبات حالة الدفاع الشرعي يقع على عاتق من يدعي به، وهو أمر تقديري يخضع لقناعة المحكمة بناءً على الأدلة والقرائن وظروف الواقعة.
  • بشكل عام، ينصح دائمًا بتجنب العنف قدر الإمكان واللجوء إلى الوسائل الأقل ضررًا لرد العدوان، حيث إن النهي عن ضرب الوجه يظل قائمًا كأصل عام حتى في حالات الاشتباك.

أركان جريمة الاعتداء في النظام السعودي

لكي تتم إدانة شخص بجريمة الضرب أو الاعتداء، لا بد من توافر ركنين أساسيين في حقه، وبدونهما لا تكتمل الجريمة.

  • الركن المادي: وهو السلوك الملموس الذي قام به الجاني، ويتمثل في فعل الاعتداء نفسه.
    • يتكون هذا الركن من ثلاثة عناصر: الفعل (مثل اللكم أو الصفع)، والنتيجة (وهي الألم أو الإصابة التي لحقت بالمجني عليه)، والعلاقة السببية (أي أن تكون النتيجة قد حدثت بسبب الفعل مباشرة).
    • يجب إثبات هذا الركن بالأدلة المادية، وعلى رأسها التقرير الطبي الذي يوثق النتيجة، وشهادة الشهود أو أي أدلة أخرى (كمقاطع الفيديو) تثبت وقوع فعل الاعتداء.
  • الركن المعنوي (القصد الجنائي): وهو النية الداخلية للجاني، ويتمثل في علمه وإرادته.
    • يجب أن يثبت أن الجاني كان عالمًا بأن فعله سيؤدي إلى المساس بسلامة المجني عليه، وأن إرادته قد اتجهت إلى تحقيق هذا الفعل وهذه النتيجة.
    • يُفترض وجود القصد الجنائي في جرائم الضرب، وعلى من يدعي عكس ذلك (كأن يدعي أن الضربة كانت على سبيل المزاح أو وقعت بالخطأ) أن يقدم الدليل على ذلك.
    • إذا انتفى القصد الجنائي، كأن يكون الفعل قد وقع نتيجة حادث عرضي غير مقصود، فإن التوصيف الجنائي للجريمة يتغير من جريمة عمدية إلى جريمة غير عمدية (إصابة خطأ) تكون عقوبتها أخف بكثير.
  • إن تفنيد هذه الأركان أو إثباتها هو جوهر العمل القانوني في قضايا الاعتداء، ويتطلب خبرة ودراية من المحامي المكلف بالقضية، ويعتبر مكتب فيصل الحارثي للمحاماة من المكاتب الرائدة في التعامل مع هذه الجوانب الفنية الدقيقة.

عقوبة الاعتداء على الأطفال في السعودية

يولي النظام السعودي حماية خاصة للأطفال نظرًا لضعفهم وعدم قدرتهم على الدفاع عن أنفسهم، ويشدد العقوبة على من يعتدي عليهم.

  • يعتبر الاعتداء بالضرب على طفل من أفعال الإيذاء الجسيم التي يعاقب عليها نظام حماية الطفل ونظام الحماية من الإيذاء بعقوبات مشددة.
  • إن ضرب الطفل على وجهه لا يعتبر وسيلة تأديب مقبولة على الإطلاق، بل هو جريمة مكتملة الأركان تستوجب المساءلة القانونية.
  • تنص أنظمة الحماية على أنه يحظر تعريض الطفل لأي شكل من أشكال الإيذاء أو الإهمال أو العنف أو الاستغلال، ويعتبر الضرب من أبرز هذه الأشكال.
  • تطبق على المعتدي على طفل بالضرب نفس العقوبة المنصوص عليها في المادة 13 من نظام الحماية من الإيذاء، وهي السجن لمدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على سنة، وغرامة لا تقل عن 5,000 ريال ولا تزيد على 50,000 ريال، مع مضاعفة العقوبة في حال العود.
  • تكون العقوبة أشد إذا كان المعتدي هو أحد الوالدين أو من له سلطة أو مسؤولية على الطفل (كالمعلم أو المربي)، حيث يعتبر ذلك خيانة للثقة والأمانة.
  • لا يحق لأي شخص الادعاء بأنه كان يؤدب الطفل عن طريق ضربه على وجهه، فالنظام واضح في حظر كافة أشكال العنف الجسدي والنفسي ضد الأطفال.
  • يتم التعامل مع بلاغات الاعتداء على الأطفال بجدية وسرعة فائقة من قبل وحدة الحماية الاجتماعية والجهات الأمنية، ويتم توفير الحماية الفورية للطفل المعنف.

عقوبة الضرب باليد في القانون السعودي

قد يعتقد البعض أن الضرب باليد هو فعل بسيط، ولكن النظام لا ينظر إلى الأداة بقدر ما ينظر إلى الفعل نفسه والأثر المترتب عليه.

  • الضرب باليد هو الشكل الأكثر شيوعًا للاعتداء الجسدي، وهو فعل مجرّم يستوجب العقوبة شأنه شأن الضرب بأي أداة أخرى.
  • تخضع عقوبة الضرب باليد لنفس القواعد العامة لعقوبة الضرب، حيث يتم تقديرها بناءً على جسامة الإصابة ومدة الشفاء المحددة في التقرير الطبي.
  • إذا كان الضرب باليد بسيطًا ولم ينتج عنه إصابات تزيد مدة الشفاء منها على 21 يومًا، فقد تكون العقوبة تعزيرية بسيطة.
  • ولكن، إذا كان الجاني ذا بنية جسدية قوية أو محترفًا في الفنون القتالية، فإن ضربته باليد يمكن أن تسبب أضرارًا جسيمة (ككسر في الفك أو ارتجاج في المخ)، وفي هذه الحالة تعامل اليد كأداة خطرة وتكون العقوبة مشددة جدًا.
  • إن صفع الوجه باليد (الكف) كما ذكرنا سابقًا، له اعتبار خاص لما فيه من إهانة بالغة، وتكون عقوبته رادعة حتى لو لم يسبب أذى جسديًا كبيرًا.
  • لا يوجد تساهل في النظام مع فعل الضرب باليد، فسلامة الجسد مصانة بغض النظر عن الوسيلة المستخدمة في الاعتداء عليها.

إن التعرض للضرب، وخصوصًا على الوجه، هو تجربة قاسية ومؤلمة تترك آثارًا عميقة. ولكن الصمت والخوف ليسا الحل. إن النظام في المملكة العربية السعودية قد وفر لك كافة سبل الحماية والإنصاف، ولكنه يتطلب منك اتخاذ الخطوة الأولى للمطالبة بحقك. إن فهمك لحقوقك وللإجراءات المتبعة هو سلاحك الأقوى، والاستعانة بمحامٍ متخصص هو مرشدك في هذه الرحلة.

في مكتب فيصل الحارثي للمحاماة، نؤمن بأن الدفاع عن كرامة الإنسان هو جوهر رسالتنا. نحن نتفهم حجم الألم والمعاناة التي تمر بها ضحية الاعتداء، ونلتزم بتسخير كافة خبراتنا وطاقاتنا لضمان محاسبة المعتدي وتحصيل حقوقك كاملة، سواء كانت تعويضًا ماليًا أو ردًا للاعتبار. فريقنا من المحامين المتخصصين في القضايا الجنائية على أتم الاستعداد لتقديم الدعم والمشورة والتمثيل القانوني الذي تستحقه.

لا تتردد في الدفاع عن كرامتك. اتصل بنا اليوم على الرقم: +966 54 124 4411 لطلب استشارة قانونية سرية ومناقشة قضيتك مع خبرائنا. حقك لن يضيع.

التعليقات معطلة.